سَقَطَ حُكْمُ الْجِنَايَةِ وَاسْتَقَرَّ رَهْنُهُ. وَلَا خِيَارَ فِي الْبَيْعِ بِحَالٍ. فَهَذَا حُكْمُ الْجِنَايَةِ إِذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ عَالِمًا بِهَا.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ غَيْرَ عَالِمٍ بِجِنَايَتِهِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْلَمَ بِهَا قَبْلَ اسْتِقْرَارِ حُكْمِهَا. فَإِذَا عَلِمَ بِهَا كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ. فَإِنْ فَسَخَ الْبَيْعَ كَانَ لَهُ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَيْبٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَرَدُّهُ مُمْكِنٌ. فَإِنْ أَقَامَ صَارَ كَالْمُرْتَهِنِ عَالِمًا بِجِنَايَتِهِ. فَيَكُونُ عَلَى مَا مَضَى مِنَ اعْتِبَارِ أَحْوَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ مِنَ اقْتِصَاصِهِ أَوْ عَفْوِهِ عَلَى مَالٍ أَوْ عَفْوِهِ إِلَى غَيْرِ مَالٍ ... ثُمَّ الْحُكْمُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى مَا مَضَى.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَلَّا يَعْلَمَ الْمُرْتَهِنُ بِجِنَايَتِهِ إِلَّا بَعْدَ اسْتِقْرَارِ حُكْمِهَا فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَسْتَقِرَّ حُكْمُهَا عَلَى الْقِصَاصِ مِنْهُ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَسْتَقِرَّ حُكْمُهَا عَلَى الْعَفْوِ عَنْهُ إِلَى مَالٍ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَقِرَّ حُكْمُهَا عَلَى الْعَفْوِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِ مَالٍ فَإِنِ اسْتَقَرَّ حُكْمُهَا عَلَى الِاقْتِصَاصِ منه على ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْقِصَاصُ فِي طَرَفِهِ، فَلَا يَبْطُلُ رَهْنُهُ بِالْقِصَاصِ لِبَقَائِهِ فِيهِ لَكِنَّ الْمُرْتَهِنَ بِالْخِيَارِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ لِإِمْكَانِ رَدِّهِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْقِصَاصُ فِي نَفْسِهِ، فَقَدْ بَطَلَ الرَّهْنُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ فَاتَ رَدُّهُ كَالْمُسْتَحَقِّ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيٍّ لَا خِيَارَ لَهُ لِفَوَاتِ رَدِّهِ كَالْعَيْبِ.
وَإِنِ اسْتَقَرَّ حُكْمُهَا عَلَى الْعَفْوِ عَنْهُ إِلَى مَالٍ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ. فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِ الْعَفْوِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِ مَالٍ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَلَّا يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ، وَيُبَاعُ فِي جِنَايَتِهِ فَقَدْ بَطَلَ الرَّهْنُ. وَعَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ لِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ كَالْمُسْتَحَقِّ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيٍّ لَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ لِفَوَاتِ رَدِّهِ كَالْمَعِيبِ.
فَإِنِ اسْتَقَرَّ حُكْمُهَا عَلَى الْعَفْوِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِ مَالٍ، فَقَدْ سَقَطَ حُكْمُ الْجِنَايَةِ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْعَبْدِ الْجَانِي، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ مِنْ جِنَايَتِهِ وَكَانَ مُصِرًّا عَلَى حَالِهِ، فَهَذَا عَيْبٌ وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي