للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ رَهَنَهُ نَخْلًا عَلَى أَنَّ مَا أَثْمَرَتْ أَوْ مَاشِيَةً عَلَى أَنَّ مَا نَتَجَتْ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الرَّهْنِ كَانَ الرَّهْنُ مِنَ النَّخْلِ وَالْمَاشِيَةِ رَهْنًا وَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ ثَمَرُ الْحَائِطِ وَلَا نِتَاجُ الْمَاشِيَةِ إِذَا كَانَ الرَّهْنُ بِحَقٍّ وَاجِبٍ قَبْلَ الرَّهْنِ وَهَذَا كَرَجُلٍ رَهَنَ مِنْ رَجُلٍ دَارًا عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ أُخْرَى غَيْرَ أَنَّ الْبَيْعَ إِنْ وَقَعَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فُسِخَ الرَّهْنُ وَكَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ لِأَنَّهُ لَمْ يتم له الشرط (قال المزني) قلت أنا وقال في موضع آخر هذا جائز في قول من أجاز أن يرهنه عبدين فيصيب أحدهما حرا فيجيز الجائز ويرد المردود (قال المزني) وفيها قول آخر يفسد كما يفسد البيع إذا جمعت الصفقة جائزا وغير جائز (قال المزني) قلت أنا ما قطع به وأثبته أولى وجواباته في هذا المعنى بالذي قطع به شبيه وقد قال لو تبايعا على أن يرهنه هذا العصير فرهنه إياه فإذا هو من ساعته خمر فله الخيار في البيع لأنه لم يتم له الرهن ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ ابْتَاعَ بَيْعًا وَشَرَطَ فِيهِ رَهْنًا عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الرَّهْنِ دَاخِلَةٌ فِي الرَّهْنِ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمَنَافِعِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ تَكُونَ أَعْيَانًا أَوْ آثَارًا، فَإِنْ كَانَتِ الْمَنَافِعُ آثَارًا كَدَارٍ ارْتَهَنَهَا وَشَرَطَ مَعَهَا ارْتِهَانَ سُكْنَاهَا، أَوْ دَابَّةٍ ارْتَهَنَهَا وَشَرَطَ مَعَهَا ارْتِهَانَ رُكُوبِهَا، فَهَذَا شَرْطٌ بَاطِلٌ، لِأَنَّ ارْتِهَانَ سُكْنَى الدَّارِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَا أَمْكَنَ اسْتِيفَاءَ الْحَقِّ مِنْهُ عِنْدَ مَحَلِّهِ، وَالرُّكُوبُ وَالسُّكْنَى يَتْلِفُ بِمُضِيِّهِ، وَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا فَفِي بُطْلَانِ الرَّهْنِ قَوْلَانِ، وَإِذَا بَطَلَ الرَّهْنُ فَفِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَنَافِعُ أَعْيَانًا كَنَخْلٍ ارْتَهَنَهَا وَشَرَطَ مَعَهَا ارْتِهَانَ مَا يَحْدُثُ مِنْ ثَمَرَتِهَا، أَوْ مَاشِيَةٍ ارْتَهَنَهَا وَشَرَطَ مَعَهَا ارْتِهَانَ ما يحدث من نتاجها فإنه منصوص عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَنَّ الشَّرْطَ فِي ارْتِهَانِ مَا يَحْدُثُ مِنَ الثَّمَرَةِ وَالنِّتَاجِ بَاطِلٌ.

وَقَالَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ الْقَدِيمِ وَفِي الرَّهْنِ الصَّغِيرِ مِنَ الْجَدِيدِ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إِذَا تَشَارَطَا عِنْدَ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ مَا يَحْدُثُ مِنَ النِّتَاجِ وَالثَّمَرَةِ رَهْنًا يُشْبِهُ أَنْ يَجُوزَ عِنْدِي، وَإِنَّمَا أَجَزْتُهُ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَمْلِيكٍ، ثُمَّ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ " أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَضَى بِالْيَمَنِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَيٌّ " أَنَّ مَنِ ارْتَهَنَ نَخْلًا فَثَمَرَتُهَا مَحْسُوبَةٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي شَرْحِهِ وَأَبُو حَامِدٍ فِي جَامِعِهِ يُخَرِّجَانِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشَّرْطَ فِي ارْتِهَانِ مَا يَحْدُثُ مِنَ الثَّمَرَةِ وَالنِّتَاجِ جَائِزٌ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا مَجْهُولًا فَهُوَ تَبَعٌ لموجود معلوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>