للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى اخْتِلَافِ حالين، واختلاف مَنْ قَالَ بِاخْتِلَافِهِمَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ لَهَا إِذَا كَانَتْ هِيَ الزَّوْجَةَ لِنَفْسِهَا دُونَ الْحَاكِمِ فَلَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ فَلَا نفقة لهاحتى يَتَسَلَّمَهَا الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ رَافِعٌ لِيَدِ الْأَوَّلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ وُجُوبَ النفقة لَهَا إِذَا أَعَادَهَا الْحَاكِمُ إِلَى نِكَاحِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ عَادَتْ هِيَ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّ حُكْمَ الحاكم مثبت ليد الأول.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَمْ أُلْزِمِ الْوَاطِئَ بِنَفَقَتِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجَيْنِ إِلَّا لُحُوقَ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ فِرَاشٌ بِالشُّبْهَةِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا نَفَقَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ الثَّانِي فَمُعْتَبَرَةٌ بِحُكْمِ نِكَاحِهِ.

فَإِنْ قِيلَ بِقَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ: إِنَّ نِكَاحَهُ صَحِيحٌ فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإِلَى حِينِ الْفُرْقَةِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ، لِأَنَّهُ لا يملك فيها الرجعة، ولها السكنى كالمتبوتة.

وَإِنْ قِيلَ بِقَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ إِنَّ نِكَاحَهُ بَاطِلٌ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ نِكَاحِهِ وَلَا فِي حَالِ دُخُولِهِ، لِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجِيَّةِ تُسْتَحَقُّ في مقابلة التمكين المستحق، وفساد النكاح يمنح مِنِ اسْتِحْقَاقِ التَّمْكِينِ فَمَنَعَ مِنِ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا كَانَ كَالْمُتَصَرِّفِ عَنْ إِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مَعَ فَسَادِ عَقْدِهِ.

قِيلَ: لِأَنَّ مَنَافِعَ الْإِجَارَةِ فِي يَدِهِ تَضَمَّنَهَا بِالْيَدِ وَمَنَافِعَ الِاسْتِمْتَاعِ فِي يَدِهَا فَلَمْ يُضَمَّنْهَا إِلَّا بِالِاسْتِهْلَاكِ وَالِاسْتِهْلَاكُ هُوَ الْوَطْءُ فَالْوَطْءُ مُوجِبٌ لَغُرْمِ الْمَهْرِ دُونَ النَّفَقَةِ، وَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ وَإِنْ لَمْ تَجِبِ النَّفَقَةُ فَكَانَ بَيْنَهُمَا شَبَهٌ بِهِ مِنْ وَجْهٍ، وَفَرْقٌ مِنْ آخَرَ، فَإِنْ فَارَقَهَا الثَّانِي فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ فِي عِدَّتِهِ وَلَا سُكْنَى لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ قَبْلَ التفرقة فأولى أن لا يجب بعدها إلى أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، فَفِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا مُدَّةَ حَمْلِهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَهَا النَّفَقَةُ إِذَا قِيلَ: إِنَّهَا لِلْحَمْلِ

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا نَفَقَةَ لَهَا إِذَا قِيلَ: إِنَّ النَّفَقَةَ لِكَوْنِهَا ذَاتَ حَمْلٍ، فَإِنْ عَادَتْ إِلَى الْأَوَّلِ بَعْدَ وَضْعِهَا، فَفِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ مُدَّةَ نِفَاسِهَا وَجْهَانِ مَضَيَا.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا وَضَعَتْ فَلِزَوْجِهَا أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا إِلَّا اللَّبَأَ وَمَا إِنْ تَرَكَتْهُ لَمْ يَعْتَدَّ غَيْرُهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا عَادَ الزَّوْجُ الْمَفْقُودُ وَزَوْجَتُهُ حَامِلٌ مِنْ نِكَاحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>