فَإِنِ اخْتَلَفُوا مَعَ الْمُوصَى لَهُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي عَلِمُوهُ: كَانَ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ.
فَصْلٌ:
وَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ أَبَاهُمَا وَصَّى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ، حَلَفَ الْمُكَذِّبُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي حِصَّتِهِ.
وَفِيمَا يَلْزَمُ الْمُصَدِّقَ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ ثُلُثُ حِصَّتِهِ، وَهُوَ سدس جميع المال.
والوجه الثاني: يلزمه سدس جَمِيعِ الْمَالِ مِنْ حِصَّتِهِ.
وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي إِقْرَارِ أَحَدِ الِابْنَيْنِ بِدَيْنٍ.
فَلَوْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى جَمِيعِ الثُّلُثِ، وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ عَلَى السُّدُسِ.
لَزِمَ الْمُصَدِّقَ عَلَى السدس نصف السدس، وفيما يلزم الْمُصَدِّقَ عَلَى الثُّلُثِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: نِصْفُ الثُّلُثِ، وَهُوَ السُّدُسُ.
وَالثَّانِي: ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ، وَهُوَ الربع. والله أعلم بالصواب.
[مسألة:]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وتجوز الْوَصِيَّةُ لِمَا فِي الْبَطْنِ وَبِمَا فِي الْبَطْنِ إِذَا كَانَ يَخْرُجُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فإن خرجوا عددا ذكرانا وَإِنَاثًا فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ سَوَاءٌ وَهُمْ لِمَنْ أُوصى بِهِمْ لَهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُشْتَمِلَةٌ على فصلين:
أحدهما: الوصية بالحمل.
والثاني: الوصية للحمل.
فَأَمَّا الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ فَجَائِزَةٌ، لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَ بِالْإِرْثِ، وَهُوَ أَضْيَقُ، مَلَكَ بِالْوَصِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَوْسَعُ.
وَلَوْ أَقَرَّ لِلْحَمْلِ إِقْرَارًا مُطْلَقًا بَطَلَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْوَصِيَّةَ أحمل للجهالة له مِنَ الْإِقْرَارِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِمَنْ فِي هَذِهِ الدَّارِ صَحَّ. وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ لَمْ يَصِحَّ.
فَإِذَا قَالَ: قَدْ أَوْصَيْتُ لِحَمْلِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِأَلْفٍ نُظِرَ حَالُهَا إِذَا وَلَدَتْ، فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ تَكَلَّمَ بِالْوَصِيَّةِ لَا مِنْ حِينِ الْمَوْتِ صَحَّتْ لَهُ الْوَصِيَّةُ لِعِلْمِنَا أَنَّ الْحَمْلَ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ.
وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ حِينِ الْوَصِيَّةِ: فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لِحُدُوثِهِ بَعْدَهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وقت تكلمه بِهَا.
وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ، وَلِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، فإن كانت