للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ:)

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَعْدِلَ عَمَّا كَانَ يَقْتَضِيهِ إِطْلَاقُ الْعَقْدِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إِلَى غَيْرِهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْدِلَ إِلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ كَأَنَّهُ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفًا فَخَالَعَ عَنْهَا بِأَلْفَيْنِ فَالْأَلْفُ الَّتِي هِيَ مَهْرُ الْمِثْلِ لَازِمَةٌ لِلزَّوْجَةِ، وَفِي الْأَلْفِ الزَّائِدَةِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا بَاطِلَةٌ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ سَاقِطَةٌ عَنْهَا لِتَعَدِّي الْوَكِيلِ بِهَا ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْوَكِيلِ فَإِنْ كَانَ قَدْ ضَمِنَ الْعِوَضَ إِمَّا بِالشَّرْطِ أَوْ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ غَرِمَ الْأَلْفَ الزَّائِدَةَ لِلزَّوْجِ لِدُخُولِهَا فِي ضَمَانِهَا وَإِنْ لَمْ يَضْمَنِ الْعِوَضَ لِاشْتِرَاطِهِ لَهُ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجَةِ فِي غُرْمِهِ لِلْأَلْفِ الزَّائِدَةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ لَا يَغْرَمُهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ يَغْرَمُهَا عَلَى قَوْلَيْهِ أَنَّ الْوَكِيلَ مَأْخُوذٌ بِاسْتِيفَاءِ الْعِوَضِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهَا فِي الِابْتِدَاءِ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوِ الْتَزَمَتِ الزَّوْجَةُ الْأَلْفَ الزَّائِدَةَ لِلزَّوْجِ كَانَتْ هِبَةً مِنْهَا لَهُ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِبَذْلِهَا وَقَبُولِهِ وَقَبْضِهِ وَلَا يَبْرَأُ الْوَكِيلُ مِنْ غُرْمِهَا لِلزَّوْجِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْخُلْعَ فِي الْأَلْفِ الزَّائِدَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَتِهَا لَا يَبْطُلُ إِلَّا أَنْ تَخْتَارَ الزَّوْجَةُ إِبْطَالَهَا، لِأَنَّهَا كَالْعَيْبِ الدَّاخِلِ عَلَيْهَا فَأَوْجَبَ خِيَارَهَا كَسَائِرِ الْعُيُوبِ فَإِنِ اخْتَارَتْ فَسْخَ الْأَلْفِ الزَّائِدَةِ سَقَطَتْ عَنْهَا، وَالْكَلَامُ فِي غُرْمِ الْوَكِيلِ عَلَى مَا مَضَى، فَإِنِ اخْتَارَتِ الْتِزَامَهَا لَزِمَتْهَا الْأَلْفَانِ بِالْعَقْدِ، وَلَمْ يَلْزَمِ الْوَكِيلَ غُرْمُهَا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عليها فيهما إلا بالألف الَّتِي هِيَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَنَّهَا إِذَا الْتَزَمَتِ الْأَلْفَ الزَّائِدَةَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِلزَّوْجِ كَانَتْ هِبَةَ تَبَرُّعٍ لَا يَسْقُطُ عَنِ الْوَكِيلِ غُرْمُهَا، وَإِذَا الْتَزَمَهَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي كَانَتْ عِوَضًا فِي خُلْعٍ يُسْقِطُ غُرْمَهَا عَنِ الْوَكِيلِ.

(فَصْلٌ:)

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَعْدِلَ الْوَكِيلُ عَنْ جِنْسِ الْمَهْرِ إِلَى غَيْرِهِ كَأَنَّهُ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ دَرَاهِمَ فَخَالَعَ عَنْهَا بِغَيْرِ دَرَاهِمَ فَهَذَا عَلَى ضربين:

أحدهما: أن يعدل على الدَّرَاهِمِ إِلَى مَا لَا يُسْتَبَاحُ مِنْ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَيُخَالِعَ بِهِ عَنْهَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَجْعَلَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا نَاجِزًا عَلَى خَمْرٍ فِي الذِّمَّةِ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَالْخُلْعُ فَاسِدٌ، وَلِلزَّوْجِ مَهْرُ الْمِثْلِ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجَةِ فِيهِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ إِنْ لَزِمَهُ الضَّمَانُ سِوَاهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَجْعَلَ الطَّلَاقَ مُعَلَّقًا عَلَى خَمْرٍ بِعَيْنِهِ فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ مَذْهَبَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَقَعُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْمِلْكِ الْمَفْقُودِ فَعَلَى هَذَا لَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>