وأما توكيل الزوج وإن كَانَ فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ بِعَيْنِهَا جَازَ أَنْ يوكل كل من صح منه قبول النكاح في نفسه وَهُوَ مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ.
أَنْ يكون ذكراً بالغاً عاقلاً، وسواء كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا رَشِيدًا أَوْ سَفِيهًا لأن العبد السفيه يَجُوزُ أَنْ يَقْبَلَا عَقْدَ النِّكَاحِ لِأَنْفُسِهِمَا فَصَحَّ أَنْ يَقْبَلَاهُ لِغَيْرِهِمَا، فَأَمَّا تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ، وَالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ منهم قبوله لأنفسهم لم يصح منهم قبولهم لِغَيْرِهِمْ.
أحدها: يلزم أن يكون رشيداً يقبل نكاح نفسه، فإن كان سفيهاً لم يجز لقصوره على التَّصَرُّفِ فِي نِكَاحِ نَفْسِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا، لِأَنَّهُ يَقْبَلُهُ عَنْ إذن ويصح منه أن يقبل نكاح نفسه عَنْ إِذْنِ وَلِيِّهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إِنْ عَيَّنَ لوكيله على القبيلة وإن لم يعين عَلَى الْمَنْكُوحَةِ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَكَيْلُهُ فِيهِ سفيهاً وإن لَمْ يُعَيِّنْ عَلَى الْقَبِيلَةِ وَلَا عَلَى الْمَنْكُوحَةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ فِيهِ إِلَّا رَشِيدًا، وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الأوجه في إذن وليه أَنْ يَعْقِدَ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَاللَّهُ أعلم بالصواب.
[مسألة]
قال الشافعي:" وَوَلِيُّ الْكَافِرَةِ كافرٌ وَلَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ وَلِيًّا لكافرةٍ لقطع الله الولاية بينهما بالدين إلا على أمته وإنما صار ذلك له لأن النكاح له تزوج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أم حبيبة وولى عقدة نكاحها ابن سعيد بن العاص وهو مسلمٌ وأبو سفيان حي وكان وكيل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عمرو ابن أمية الضمري (قال المزني) ليس هذا حجةً في إنكاح الأمة ويشبه أن يكون أراد أن لا معنى لكافرٍ في مسليمةٍ فكان ابن سعيدٍ ووكيله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مسلمين ولم يكن لأبيها معنىً في ولاية مسلمةٍ إذا كان كافراً ".