العافية والجنون والخبل لا يكون معهما تأدية لحق زوجٍ ولا زوجةٍ بعقلٍ ولا امتناعٌ من محرمٍ وقد يكون من مثله القتل ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي الْعَيْبِ إِذَا كَانَ بِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ، فَأَمَّا الْعَيْبُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بِالزَّوْجِ فَلِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ فِيمَا حَدَثَ بِهِ مِنَ الْعُيُوبِ كَمَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْهَا، وَلَا اعْتِبَارَ بِالنَّفَقَةِ وَكَمَا أَنَّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ بِرِقِّ الزَّوْجِ إِذَا حَدَثَ عِتْقُهَا بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا كَانَ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ إِذَا تَقَدَّمَتْ حُرِّيَّتُهَا قَبْلَ الْعَقْدِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ حَادِثًا بِالزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَفِي خِيَارِ الزَّوْجِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: - قَالَهُ فِي الْقَدِيمِ - لَا خِيَارَ لَهُ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَغْرُورًا بِهِ لحدوثه فإنه يقدر على دفع الغرور عَنْ نَفْسِهِ بِطَلَاقِهِ فَخَالَفَ مَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّهُ كَانَ فِيهِ مَغْرُورًا، وَخَالَفَ الزَّوْجَةَ فِيمَا حَدَثَ، لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الطَّلَاقِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ بِعِتْقِهِ الْمُتَقَدِّمِ دُونَ الْحَادِثِ وَكَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ بِعِتْقِهَا الْمُتَقَدِّمِ وَالْحَادِثِ كَذَلِكَ الْعُيُوبُ يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ بِالْمُتَقَدِّمِ مِنْهَا دُونَ الْحَادِثِ، وَيَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ بِالْمُتَقَدِّمِ مِنْهَا وَالْحَادِثِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: - قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ - لَهُ الْخِيَارُ بِالْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ وَالْمُتَقَدِّمَةِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أن ما تستحقه من الخيار في مقابلة ما تستحق عَلَيْهِ مِنَ الْخِيَارِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) {البقرة: ٢٢٨) . فَلَمَّا اسْتَحَقَّتِ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِ الْخِيَارَ بِالْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ اسْتَحَقَّ الْخِيَارَ عَلَيْهَا بِالْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ.
وَالثَّانِي: إِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعَقْدُ فِيهِ عَلَى مَنَافِعِهِ اسْتَوَى فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْعُيُوبِ، وَمَا حَدَثَ كَالْإِجَارَةِ فَلَمَّا كَانَ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ بِمَا تَقَدَّمَ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بِمَا حَدَثَ.
فَصْلٌ
فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِمَا حَدَثَ مِنَ الْعُيُوبِ فَفُسِخَ بِهِ النِّكَاحُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ فِيهِ لارتفاع العقد، وَسَوَاءٌ كَانَ الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَةِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ حَادِثًا بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ وَحُدُوثِ مَا أَوْجَبَ الْفَسْخَ بَعْدَ استقراره.