[مسألة:]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وإذا بلغ الحلم ولم يرشد زوجه وإن احتاج إلى خادم ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يُزَوِّجُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْيَتِيمُ عَلَى حَالِ صِغَرِهِ، فَلَا يَجُوزُ لِوَصِيِّهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ وَقَالَ أَبُو ثور:
يجوز له أن يزوجه فِي صِغَرِهِ، كَالْأَبِ.
وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَمَّا مُنِعَ مِنْ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ تَزْوِيجُهَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ اكْتِسَابِ الْمَهْرِ، كَانَ أَوْلَى أَنْ يُمْنَعَ مِنْ تَزْوِيجِ الصَّغِير وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ تَزْوِيجُهُ، لِمَا فِيهِ من التزام المهر، ولأن الموصي مَمْنُوعٌ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ مَا لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى النِّكَاحِ.
فَإِذَا بَلَغَ الْيَتِيمُ: زَالَ اسْمُ اليتيم عَنْهُ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لا يتم بعد حلم.
ثُمَّ لَا يَخْلُو حَالُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ مِنْ أَنْ يَبْلُغَ رَشِيدًا، أَوْ غَيْرَ رَشِيدٍ، فَإِنْ بلغ رشيدا: وجب فله حَجْرُهُ، وَإِمْضَاءُ تَصَرُّفِهِ.
ثُمَّ لَا يَخْلُو حَالُ وليه من ثلاثة أقسام:
أحدها: أَنْ يَكُونَ أَبًا، فَيَنْفَكُّ حَجْرُهُ بِظُهُورِ الرُّشْدِ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ، لِأَنَّ ثُبُوتَ الْوِلَايَةِ لِلْأَبِ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ به، فَارْتَفَعَتْ بِالرُّشْدِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ أَمِينَ الْحَاكِمِ، فَلَا يَنْفَكُّ حجره عَنْهُ بِظُهُورِ الرُّشْدِ إِلَّا أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بفك حجره، لأن الولاية عليه، تثبت بِحُكْمِهِ فَلَمْ تَرْتَفِعْ إِلَّا بِحُكْمِهِ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ عَلَيْهِ وَصِيًّا لِأَبٍ، أَوْ جَدٍّ، فَفِي فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ بِظُهُورِ رُشْدِهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَنْفَكُّ حَجْرُهُ بِغَيْرِ حُكْمٍ لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ.
وَالثَّانِي: لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ إِلَّا بِحُكْمٍ، لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ، كَالْأَمِينِ.
فَصْلٌ:
وَإِنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ: كَانَ حَجْرُهُ بَاقِيًا، لِأَنَّ فَكَّهُ مقيد بِشَرْطَيْنِ: الْبُلُوغُ وَالرُّشْدُ، فَلَمْ يَنْفَكَّ بِالْبُلُوغِ دُونَ الرُّشْدِ، كَمَا لَا يَنْفَكُّ بِالرُّشْدِ دُونَ الْبُلُوغِ.
وَإِذَا كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَاقِيًا، كَانَتْ وِلَايَةُ الوالي عَلَيْهِ بِحَالِهَا، سَوَاءٌ كَانَ الْوَالِي عَلَيْهِ أَبًا، أَوْ وَصِيًّا، أَوْ أَمِينًا.
وَإِنْ كَانَ حَجْرُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ. حَجْرَ سَفَهٍ، لَا يَتَوَلَّاهُ إِلَّا حاكم، (تقديم حجر) مستديم، فحجر مُتَقَدِّمٍ، فَدَامَتِ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ لِوَلِيِّهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ تَوْلِيَةٍ، كَمَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ حَجْرٍ.
فَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً: لَمْ يجز لوصي تَزْوِيجُهَا.
وَإِنْ كَانَ غُلَامًا: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ به حاجة إلى النساء، لم يزوج.