للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب من تلزمه زكاة الفطر]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نافعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وعبدٍ ذكرٍ وَأُنْثَى مِنَ المسلمين وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حديث آخر قال " " من تَمُونُونَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّهُ يُقَالُ زَكَاةُ الفطر وزكاة الفطر، فَمَنْ قَالَ زَكَاةُ الْفِطْرِ أَوْجَبَهَا بِدُخُولِ الْفِطْرِ ومن قال زكاة الفطر، فأوجبها عَلَى الْفِطْرَةِ، وَالْفِطْرَةُ الْخِلْقَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فِطْرَة اللهِ الّتِي فَطَرَ النَّاسُ عَلَيْهَا) {الروم: ٣٠) أَيْ: خِلْقَتَهُ الَّتِي جَبَلَ النَّاسَ عَلَيْهَا وَهِيَ وَاجِبَةٌ إِجْمَاعًا.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ وَجَبَتِ ابْتِدَاءً بِمَا وَجَبَتْ بِهِ زَكَاةُ الْأَمْوَالِ أَوْ وَجَبَتْ بِغَيْرِهِ؟ عَلَى مَذْهَبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهَا وَجَبَتْ بِالظَّوَاهِرِ الَّتِي وَجَبَتْ بِهَا زَكَوَاتُ الْأَمْوَالِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لِعُمُومِهَا فِي الزَّكَاتَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ، أَنَّهَا وَجَبَتْ بِغَيْرِ مَا وَجَبَتْ بِهِ زَكَاةُ الْأَمْوَالِ وَأَنَّ وُجُوبَهَا أَسْبَقُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّهُ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بزكاة الفطر قبل نزول آية الزكاة فَلَمَا نَزَلَتْ آيَةُ الزَّكَاةِ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَمَنْ قَالَ بِهَذَا اخْتَلَفُوا هَلْ وَجَبَتْ بِالسُّنَّةِ، أَوْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَبْنِيَّةً عَلَى مَذْهَبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا وَجَبَتْ بِالسُّنَّةِ لِحَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ فَعَلَى هَذَا الدَّلَالَةُ عَلَى وُجُوبِهَا مِنْ طَرِيقِ السُّنَّةِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صاعاً من

<<  <  ج: ص:  >  >>