للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في ولد المكاتبة]

[مسألة]

قال الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ مَوْقُوفٌ فَإِذَا أَدَّتْ فَعَتَقَتْ عَتَقُوا وَإِنْ عَجَزَتْ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْأَدَاءِ رَقُّوا) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي مُكَاتَبَةٍ ذَاتِ وَلَدٍ، فَلَا يَخْلُو أَنْ تَلِدَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهَا، لَا يَتْبَعُهَا فِي الْكِتَابَةِ بِحَالٍ، لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِ السَّيِّدِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَخْلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ سَيِّدِهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا لَحِقَ بِهِ، وَكَانَ حُرًّا، وَصَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَهِيَ عَلَى كِتَابَتِهَا بَعْدَ وِلَادَتِهِ، لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عِتْقٌ بِصِفَةٍ، فَلَا يَبْطُلُ بِمَصِيرِهَا أُمَّ وَلَدٍ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ، ثُمَّ أولدها وكان عِتْقُهَا بِالصِّفَةِ بَاقِيًا، وَإِنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ تَعَلَّقَ عِتْقُهَا بِسَبَبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْأَدَاءُ.

وَالْآخَرُ: مَوْتُ السَّيِّدِ.

فَأَيُّهُمَا تَعَجَّلَ وَقَعَ بِهِ الْعِتْقُ، فَإِنْ تَعَجَّلَ الْأَدَاءَ عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ، وَإِنْ تَعَجَّلَ مَوْتَ السَّيِّدِ عَتَقَتْ بِالْوِلَادَةِ.

فَصْلٌ

وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ، وَهُوَ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًى فَهُوَ مَمْلُوكٌ مِثْلُهَا، لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَمْ تَرْفَعْ رِقَّهَا، وَلَا يَكُونُ مِلْكًا لَهَا وَإِنْ كَانَ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ مِلْكًا لَهُ، لِأَنَّ وَلَدَ الْمَمْلُوكَةِ لِمَالِكِ الْأُمِّ، وَالْمُكَاتَبُ مَالِكٌ لِأُمِّ وَلَدِهِ، فَصَارَ مَالِكًا لِوَلَدِهِ، وَالْمُكَاتَبَةُ لَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا، فَلَمْ تَمْلِكْ وَلَدَهَا، وَإِذَا لَمْ تَمْلِكْ وَلَدَهَا فَهُوَ عَلَى مِلْكِ سَيِّدِهَا، لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ مَالِكٍ، لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِأُمِّهِ، فَصَارَ مَالِكًا لَهُ، وَإِذَا كَانَ مَالِكًا لَهُ فَهَلْ يَكُونُ تَبَعًا لِأُمِّهِ أَمْ لَا؟ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنْ لَا يَكُونَ تَبَعًا فِي الْكِتَابَةِ، لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَفْتَقِرُ إِلَى إِيجَابٍ وَقَبُولٍ، فَكَانَ مَوْقُوفًا عَلَى الْقَابِلِ لَا يَتَعَدَّاهُ، وَخَالَفَ وَلَدُ الْمُدَبَّرةِ، حَيْثُ صَارَ تَبَعًا لَهَا فِي التَّدْبِيرِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَيْسَ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَجَازَ أَنْ يَسْرِيَ إِلَى الْوَلَدِ كَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ولد

<<  <  ج: ص:  >  >>