للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ عَنْهَا. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَكَانَتْ فِي الْحُكْمِ فِي يَدِ الْمَالِكِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إِذْنٍ فِي الْقَبْضِ كَمَا لَمْ يَزَلْ فِي يَدِ الْمَالِكِ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْقَبْضُ بِشَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْإِذْنُ فِي الْقَبْضِ.

وَالثَّانِي: مُضِيُّ زَمَانِ الْقَبْضِ وَيَكُونُ أَوَّلُ زَمَانِ الْقَبْضِ مِنْ بَعْدِ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ. فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِمُدَّةٍ يراعى زَمَانُ الْقَبْضِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ مَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ مُعْتَدًّا بِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ لَا فِي الْهِبَةِ وَلَا فِي الرَّهْنِ جَمِيعًا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ الْإِذْنَ فِي الرَّهْنِ تَأْكِيدًا. وَإِنَّمَا لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ، لِأَنَّ الْقَبْضَ قَدْ يَخْتَلِفُ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَقْبُوضَاتِ:

فَقَبْضُ مَا يُنْقَلُ: أَنْ ينقله لِلْقَابِضِ، وَقَبْضُ مَا لَا يُنْقَلُ: أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَابِضِ.

كَذَلِكَ قَبْضُ مَا فِي الْيَدِ: أَنَّ يَمُرَّ عَلَيْهِ زَمَانُ الْقَبْضِ فِي يَدِ الْقَابِضِ. فَعَلَى هَذَا يَتِمُّ الْقَبْضُ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُضِيُّ زَمَانِ الْقَبْضِ، وَأَوَّلُ زَمَانِ الْقَبْضِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالْإِذْنِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.

وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَإِنَّمَا الْجَوَابُ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَيَحْتَاجُ رَهْنُ الْوَدِيعَةِ إِلَى إِذْنٍ فِي قَبْضِهَا، وَلَا تَحْتَاجُ هِبَةُ الْوَدِيعَةِ إِلَى إِذْنٍ فِي قَبْضِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ فَضَعُفَ عَنْ أَنْ يَتِمَّ إِلَّا بِالْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ، وَالْهِبَةَ تَنْقُلُ الْمِلْكَ فَقَوِيَتْ عَنْ أَنْ يَفْتَقِرَ تمامه إِلَى الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ.

فَعَلَى هَذَا يَتِمُّ الْقَبْضُ فِي الْهِبَةِ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ: وَهُوَ مُضِيُّ زَمَانِ الْقَبْضِ. وَيَتِمُّ فِي الرَّهْنِ بِشَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْإِذْنُ فِي الْقَبْضِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ الْإِذْنِ زَمَانُ الْقَبْضِ فَهَذَا الْحُكْمُ فِي الْوَدِيعَةِ إِذَا تَيَقَّنَ كَوْنَهَا بِيَدِهِ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا إِنْ شَكَّ فِي كَوْنِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِهِ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ الْوَدِيعَةُ عَبْدًا أَوْ حَيَوَانًا يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ، أَوْ يَكُونَ غَيْرَ حَيَوَانٍ فِي مَوْضِعٍ قَدْ حَدَثَ فِيهِ خَوْفٌ يَجُوزُ أَنْ يَتْلَفَ فِيهِ. فَمِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ فِي هَذَا:

أَنْ يَمْضِيَ الْمُودِعُ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ إِلَى مَوْضِعِ الْوَدِيعَةِ فَيُشَاهِدَهَا بَاقِيَةً فِيهِ. وَهَلْ يُحْتَاجُ إِلَى مُضِيِّ الرَّاهِنِ مَعَهُ إِلَى مَوْضِعِهَا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إِلَى مُضِيِّ الرَّاهِنِ مَعَهُ إِلَى مَوْضِعِهَا وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَى مُضِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>