للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ. وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ بِرِدَّتِهِ بَعْدَ تَوْبَتِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا: هَلْ ذَلِكَ عَيْبٌ فِي الْحَالِّ يُوجِبُ الرَّدَّ أَمْ لَا. عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ فِي الْحَالِّ يُوجِبُ الرَّدَّ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ رَدِّهِ وَإِمْسَاكِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْحَالِّ لِأَنَّ الْعَيْبَ إِنَّمَا كَانَ بِالرِّدَّةِ وَالرِّدَّةُ قَدْ زَالَتْ بِالتَّوْبَةِ فَعَلَى هَذَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ الرَّدُّ أَمْ لَا. عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَهُ الرَّدُّ اعْتِبَارًا بِوُجُوبِهِ فِي الِابْتِدَاءِ.

وَالثَّانِي: لَا رَدَّ لَهُ اعْتِبَارًا بِسُقُوطِهِ فِي الِانْتِهَاءِ. وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّالِثُ فَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ بِرِدَّتِهِ بَعْدَ قَتْلِهِ. فَعَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لَهُ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهِ كما لو استحق. وَعَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَهُ الرُّجُوعُ بِأَرْشِهِ دُونَ ثَمَنِهِ كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ مَرِيضًا فَلَمْ يَعْلَمْ بِمَرَضِهِ حَتَّى مَاتَ فِي يَدِهِ رَجَعَ بِأَرْشِهِ دُونَ ثَمَنِهِ.

وَاعْتِبَارُ أَرْشِهِ أَنْ يُقَوَّمَ مُرْتَدًّا وَغَيْرَ مُرْتَدٍّ وَيَرْجِعَ بِمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ بِثَمَنِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِفَوَاتِ رَدِّهِ وَرَجَعَ بِأَرْشِهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ. فَهَذَا حُكْمُ بَيْعِ الْمُرْتَدِّ.

(فَصْلٌ)

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَأَمَّا رَهْنُ الْمُرْتَدِّ فَجَائِزٌ لِمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ عَالِمًا بِرِدَّتِهِ وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عَالِمٍ بِرِدَّتِهِ. فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِرِدَّتِهِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْعَبْدِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يتوب من رِدَّتِهِ أَوْ يُقْتَلَ بِهَا: فَإِنْ تَابَ مِنْ رِدَّتِهِ فَهُوَ رَهْنٌ بِحَالِهِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ قُتِلَ بِرِدَّتِهِ فَعَلَى مَذْهَبِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ كَمَا لَوِ اسْتَحَقَّ. وَعَلَى مَذْهَبِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ قَدْ كَانَ عَالِمًا بِهِ.

وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِرِدَّتِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِهَا فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ مَضَتْ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَهُوَ عَلَى رِدَّتِهِ. فَعَلَى هَذَا هُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ فَسْخِ الرَّهْنِ وَالْبَيْعِ وَبَيْنَ إِمْضَائِهِمَا.

فَإِنْ فُسِخَ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَمْضَاهُمَا فَلَا يَخْلُو حَالُ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَتُوبَ مِنْ رِدَّتِهِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ خِيَارٌ فِي الْبَيْعِ، أَوْ يُقْتَلَ فِي رِدَّتِهِ فَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>