صِلَةُ الشَّعْرِ لِاجْتِمَاعِ ذَلِكَ فِي الزِّينَةِ وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَنَّهُ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَامٌّ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَصَحُّ
وَأَمَّا الْوَاشِرَةُ، وَالْمُسْتَوْشِرَةُ: هِيَ الَّتِي تَبْرُدُ الْأَسْنَانَ بِحَدِيدَةٍ لِتَجْدِيدِهَا وَزِينَتِهَا
وَأَمَّا الْوَاشِمَةُ: وَهِيَ الَّتِي تَنْقُشُ بَدَنَهَا وَتَشِمُهُ بِمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُهُ مِنَ الْخُضْرَةِ فِي غَرْزِ الْإِبَرِ فَيَبْقَى لَوْنَهُ عَلَى الْإِبَرِ
وَأَمَّا الْوَشْمُ بِالْحِنَّاءِ وَالْخِضَابِ فَمُبَاحٌ، وَلَيْسَ مِمَّا تَنَاوَلَهُ النَّهْيُ
فَأَمَّا النَّامِصَةُ، وَالْمُتَنَمِّصَةُ: فَهِيَ الَّتِي تَأْخُذُ الشَّعْرَ مِنْ حَوْلِ الْحَاجِبَيْنِ وَأَعَالِي الْجَبْهَةِ، وَالنَّهْيُ فِي هَذَا كُلِّهِ عَلَى مَعْنَى النَّهْيِ فِي الْوَاصِلَةِ، وَالْمُسْتَوْصِلَةِ
وَأَمَّا الْعَاضِهَةُ، وَالْمُسْتَعْضِهَةُ: فَهِيَ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّاسِ
قَالَ الشَّاعِرُ:
(إِنَّ الْعَيْضَهَةَ لَيْسَتْ فِعْلَ أَحْرَارِ)
وَأَمَّا خِضَابُ الشَّعْرِ فَمُبَاحٌ بِالْحِنَّاءِ، وَالْكَتَمِ ومحظور السواد إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي جِهَادِ الْعَدُوِّ؛ وَلِرِوَايَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُبْغِضٌ لِلشَّيْخِ الْغِرْبِيبِ أَلَا لَا تُغَيِّرُوا هَذَا الشَّيْبَ، فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ، فَمَنْ كَانَ لا محالة فاعلاً فبالحناء والكتم
[(مسألة)]
: [القول في تطهير الأرض إذا أصابها نجاسة] قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ بَالَ رَجُلٌ فِي مَسْجِدٍ أَوْ أَرْضٍ يطهر بأن يصب عليه ذنوباً مِنْ مَاءٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَوْلِ الْأَعْرَابِيَّ حِينَ بَالَ فِي الْمَسْجِدِ " صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ ". قَالَ الشَّافِعِيُّ: وهو " الدلو العظيم " وَإِنْ بَالَ اثْنَانِ لَمْ يُطَهِّرْهُ إِلَّا دَلْوَانِ "
قال الماوردي: هذا صحيح إذا أصاب الأرض بول صب عَلَيْهِ مَا يَغْمُرُهُ حَتَّى أَزَالَ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ فَقَدْ طَهُرَ الْمَكَانُ وَالْمَاءُ جَمِيعًا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَصْحَابُنَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُنْفَصِلِ عَنِ الثَّوْبِ النَّجِسِ إِذَا زَالَ عَنْهُ النَّجَاسَةُ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ طَاهِرٌ أَيْضًا كَالْأَرْضِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ حَكَمَ بِتَنْجِيسِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ بِأَنْ قَالَ يُطَهَّرُ الثَّوْبُ مَعَ الْحُكْمِ بِنَجَاسَةِ مَا انْفَصَلَ عَنْهَا، لِأَنَّ الْمَاءَ إِذَا انْدَفَعَ عَنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ نَجِسَ الْمَحَلُّ الثَّانِي، فَكَانَتِ الضَّرُورَةُ دَاعِيَةً إِلَى تَطْهِيرِ مَا انْفَصَلَ عَنْهُ
وَقَالَ أبو حنيفة: كُلُّ مَا انْفَصَلَ عَنِ النَّجَاسَةِ وَأُزِيلَ بِهَا فَهُوَ نَجِسٌ بِكُلِّ حَالٍ، فَإِذَا أَصَابَ الْأَرْضَ بَوْلٌ لَمْ تَطْهُرْ إِلَّا بِكَشْطِ مَا أَصَابَ الْبَوْلُ مِنْهَا، فَإِنْ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ حَتَّى غَمَرَهُ