للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ كَفَّارَةِ يَمِينِ الْعَبْدِ بَعْدَ أَنْ يُعْتَقَ

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " لَا يُجْزِئُ الْعَبْدَ فِي الْكَفَّارَةِ إِلَّا الصَّوْمُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَالًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا وَجَبَتْ عَلَى الْعَبْدِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ لَمْ يُجْزِهِ إِذَا لم يملكه السَّيِّدُ مَالًا أَنْ يُكَفِّرَ إِلَّا بِالصِّيَامِ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَالِ وَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْحُرِّ الْمُعْسِرِ الَّذِي يَصِحُّ مِنْهُ تَمَلُّكُ الْمَالِ وَإِنْ مَلَّكَهُ السَّيِّدُ مَالًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِهِ إِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ فِي التَّكْفِيرِ بِهِ سَوَاءٌ حُكِمَ لَهُ بِمِلْكِ الْمَالِ أَوْ لَمْ يُحْكَمْ لِأَنَّهُ محجورٌ عَلَيْهِ فِي حَقِّ السَّيِّدِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْمَالِ فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَبْدِ هَلْ يَمْلِكُ إِذَا مَلَكَ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَمْلِكُ إِذَا مُلِّكَ وَبِهِ قَالَ فِي الْقَدِيمِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْحِجَازِيِّينَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَمْلِكُ وَإِنْ ملك وَبِهِ قَالَ فِي الْجَدِيدِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَقَدْ مَضَى تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ فِي غير موضع.

فإن قيل: بالجديد أن لَا يَمْلِكَ لَمْ يُكَفِّرْ إِلَّا بِالصِّيَامِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَفِّرَ بِإِطْعَامٍ وَلَا كِسْوَةٍ وَلَا عِتْقٍ، وَإِنْ قِيلَ بِالْقَدِيمِ إنَّهُ يَمْلِكُ إِذَا مُلِّكَ جَازَ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ مَعَ مِلْكِهِ، وَفِي جَوَازِ تَكْفِيرِهِ بِالْعِتْقِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنَ اسْتِحْقَاقِ الْوَلَاءِ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ بِهِ وِلَايَةٌ وَلَا إِرْثٌ، وَإِذَا قِيلَ بِجَوَازِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَفِي وَلَائِهِ قَوْلَانِ.

أَحَدُهُمَا: لِلسَّيِّدِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا يُفْضِي إِلَيْهِ حَالُهُ مِنْ عِتْقٍ فَيَصِيرُ الْوَلَاءُ لَهُ أَوْ يَمُوتُ عَلَى رِقِّهِ، فَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ، وَهَكَذَا حُكْمُ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ بِالصِّفَةِ فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ إِذَا مُلِّكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ إِلَّا بِالصِّيَامِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فَفِي جَوَازِ تَكْفِيرِهِ بِالْمَالِ قَوْلَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>