للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: مَا بَقِيَ معهم من الطعام قبل قسم الغنيمة رده فِي الْغَنَائِمِ، وَمَا بَقِيَ بَعْدَ قِسْمَتِهَا بَاعُوهُ وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ، وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: إِنْ لَمْ يَجِبْ رَدُّهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ كَانُوا أَحَقَّ به قبل الغنم وَيَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ مِنْهَا، وَتَكُونُ أَيْدِيهِمْ عَلَيْهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَدَ اسْتِبَاحَةٍ، وَفِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَدَ مِلْكٍ، وَإِنْ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي رَدُّوهُ إِلَى الْمَغْنَمِ قَبْلَ الْقَسْمِ، وَعَلَى الْإِمَامِ بَعْدَ الْقَسْمِ، وَلَيْسَ لَهُمْ بَيْعُهُ وَلَا التَّصَدُّقُ بِثَمَنِهِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْغَانِمِينَ وَتَكُونُ أَيْدِيهِمْ عَلَيْهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَدَ اسْتِبَاحَةٍ، وَفِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَدَ حَظْرٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَأْكُلُوهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا يَأْكُلُوهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

: قال الشافعي: " وَمَا كَانَ مِنْ كُتُبِهِمْ فِيهِ طِبٌّ أَوْ مَا لَا مَكْرُوهَ فِيهِ بِيعَ وَمَا كَانَ فِيهِ شِرْكٌ أُبْطِلَ وَانْتُفِعَ بِأَوْعِيَتِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كُتُبُهُمْ مَغْنُومَةٌ عَنْهُمْ، لِأَنَّهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَهِيَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا لَيْسَ بِمَحْظُورٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مَا فِيهِ طِبٌّ، أَوْ حِسَابٌ، أَوْ شِعْرٌ، أَوْ أَدَبٌ فَتُتْرَكُ عَلَى حَالِهَا وَتُقَسَّمُ فِي الْمَغْنَمِ مَعَ سَائِرِ أَمْوَالِهِمْ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا كَانَ مَحْظُورًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُتُبِ شِرْكِهِمْ وَشُبَهِ كُفْرِهِمْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُتْرَكَ عَلَى حَالِهَا، وَكَذَلِكَ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ لِأَنَّهُمَا قَدْ بُدِّلَا وَغُيِّرَا عَمَّا أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فَجَرَتْ فِي الْمَنْعِ مِنْ تَرْكِهَا عَلَى حَالِهَا مَجْرَى كُتُبِ شِرْكِهِمْ، فَتُغْسَلُ وَلَا تُحْرَقُ بِالنَّارِ، وَإِنِ اخْتَارَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِحْرَاقَهَا، لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِيهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مَا يُصَانُ عَنِ الْإِحْرَاقِ، وَلِأَنَّ فِي أَوْعِيَتِهَا إِذَا غُسِلَتْ مَنْفَعَةً لَا يَجُوزُ اسْتِهْلَاكُهَا، عَلَى الْغَانِمِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَسْلُهَا مُزِّقَتْ، حَتَّى يَخْفَى مَا فِيهَا مِنَ الشِّرْكِ، ثُمَّ بِيعَتْ فِي الْمَغْنَمِ إِنْ كَانَ لَهَا قِيمَةٌ.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا خُمُورُهُمْ فَتُرَاقُ وَلَا تُبَاعُ عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَى غيرهم لتحريها، وَتَحْرِيمِ أَثْمَانِهَا، فَأَمَّا أَوَانِيهَا فَإِنْ أَمْكَنَ حَمْلُهَا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لِنَفَاسَتِهَا وَكَثْرَةِ أَثْمَانِهَا ضُمَّتْ إِلَى الْغَنَائِمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهَا فَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى دَارِهِمْ قُسِّمَتْ بَيْنَهُمْ لِيَنْتَفِعُوا بِهَا بَعْدَ غَسْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَغْسِلُوا عَلَى دَارِهِمْ كُسِّرَتْ وَلَمْ تُتْرَكْ عَلَيْهِمْ صِحَاحًا لِئَلَّا يعاود الانتفاع بها في حظور

وَأَمَّا خَنَازِيرُهُمْ فَتُقْتَلُ سَوَاءً كَانَتْ مُؤْذِيَةً أَوْ غَيْرَ مُؤْذِيَةٍ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ: تُقْتَلُ إِنْ كَانَ فِيهَا عَدْوَى وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ تَرْكَهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَدْوَى، وَإِنَّمَا أَرَادَ تَعْجِيلَ قَتْلِهَا خَوْفَ ضَرَرِهَا وَإِنْ كَانَتْ عَادِيَةً وَإِنْ وَجَبَ قَتْلُهَا عَادِيَّةً وغير عادية

<<  <  ج: ص:  >  >>