للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ زَيْنَبَ، فَتُطَلَّقُ هِنْدُ دُونَ زَيْنَبَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَهَا وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ زَانِيَةٌ مَعَ زَيْنَبَ كَانَ قَاذِفًا لِلْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ والله أعلم بالصواب.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ درهمٌ قَبْلَهُ درهمٌ أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ دِرْهَمان ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا قَالَ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ، أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ أَوْ قَبْلَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ، فَعَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ دِرْهَمَانِ، لِأَنَّ قَبْلَ وَبَعْدَ يَقْتَضِي التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ فِي الْمَحَلِّ دُونَ الصِّفَةِ وَمَحَلُّ الدِّرْهَمِ الْأَوَّلِ هُوَ الذِّمَّةُ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ فِي ذِمَّةِ نَفْسِهِ شَيْئًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّانِي الَّذِي ذَكَرَهُ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ وَعَلَّلَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّ قَبْلَ وَبَعْدَ رَاجِعٌ إِلَى الزَّمَانِ فَلَزِمَهُ دِرْهَمَانِ والله أعلم بالصواب.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ قَفِيزُ حِنْطَةٍ مَعَهُ دينارٌ كان عليه قفيزٌ لأنه قد يقول مع دينارٍ لي ولو قال له عليّ قفيزٌ لَا بَلْ قَفِيزَانِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلَّا قفيزان ".

قال الماوردي: وهذا صحيح، إذ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ قَفِيزُ حِنْطَةٍ لَا بَلْ قَفِيزَانِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلَّا قَفِيزَانِ وَقَالَ أبو حنيفة يَلْزَمُهُ فِي الِاسْتِحْسَانِ قَفِيزَانِ وَفِي الْقِيَاسِ ثَلَاثَةُ أَقْفِزَةٍ وَوَافَقْنَا اسْتِحْسَانًا وَخَالَفْنَا قِيَاسًا:

اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ رَاجِعٌ بِذَلِكَ عَنِ الْقَفِيزِ الْأَوَّلِ مُثْبِتٌ بَعْدَهُ لِقَفِيزَيْنِ آخَرَيْنِ فَلَزِمَ الْجَمِيعَ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ الرُّجُوعُ.

وَهَذَا خَطَأٌ فِي الْقِيَاسِ شَرْعًا، وَفِي مُقْتَضَى اللِّسَانِ لُغَةً مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّفْظَ الْمُتَّصِلَ بِالْإِقْرَارِ أَكْثَرُ امْتِزَاجًا مِنَ اللَّفْظِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ قَفِيزٌ ثُمَّ أَمْسَكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ بَعْدَ انْفِصَالِ كَلَامِهِ: عَلَيَّ قَفِيزَانِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلَّا قَفِيزَانِ لَا غَيْرَ، فَإِذَا قَالَ مُتَّصِلًا بِهِ: عَلَيَّ قَفِيزٌ لَا بَلْ قَفِيزَانِ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَلْزَمَهُ إِلَّا قَفِيزَانِ لَا غَيْرَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَوْلُهُ لَا بَلْ قَفِيزَانِ يُوجِبُ ضَمَّهُمَا إِلَى الْقَفِيزِ الْأَوَّلِ قِيَاسًا لَوَجَبَ إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ قَفِيزٌ لَا بَلْ أَكْثَرُ مِنْ قَفِيزٍ وَقَدْ أَجْمَعُوا قِيَاسًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا قَفِيزٌ وَشَيْءٌ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ لَا بَلْ قَفِيزَانِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ لَا بَلْ قَفِيزَانِ، لَيْسَ بِنَفْيٍ لِلْقَفِيزِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاكُ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ لِأَمْرَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>