[(باب الرهن غير مضمون)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ وَالرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ " وَوَصَلَهُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ إِذْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ فَمَنْ كَانَ مِنْهُ شَيْءٌ فَضَمَانُهُ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ " ثَمَّ أَكَدَهُ بِقَوْلِهِ " لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ " وَغُنْمُهُ سَلَامَتُهُ وزيادته وغرمه عطبه ونقصانه ألا ترى لو ارتهن خاتما بدرهم يساوي درهما فهلك الخاتم فمن قال ذهب درهم المرتهن بالخاتم زعم أنه غرمه على المرتهن لأن درهمه ذهب وكان الراهن بريئا من غرمه لأنه قد أخذ ثمنه من المرتهن ولم يغرم له شيئا وأحال ما جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قال) وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا يغلق الرهن " لا يستحقه المرتهن بأن يدع الراهن قضاء حقه عند محله (قال الشافعي) ملك الرهن لربه والمرتهن غير متعد بأخذه ولا مخاطر بارتهانه لأنه لو كان إذا هلك بطل ماله كان مخاطرا بماله وإنما جعله الله تبارك وتعالى وثيقة له وكان خيرا له ترك الارتهان بأن يكون ماله مضمونا في جميع مال غريمه ". قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الرَّهْنِ هَلْ هُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى خَمْسَةِ مَذَاهِبَ.
إِحْدَاهَا: وَهُوَ مَذْهَبُنَا أَنَّ الرَّهْنَ أَمَانَةٌ لَا يُضْمَنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمِنَ التَّابِعِينَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ.
وَمِنَ الْفُقَهَاءِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِأَقَلِّ أَمْرَيْنِ: مِنْ قِيمَتِهِ أَوِ الْحَقِّ الْمَرْهُونِ فِيهِ.
مثاله: أن تكون قيمة الرهن ألفا والحق أَلْفَيْنِ فَيَكُونَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ وَهِيَ أَلْفٌ، وَلَوْ كَانَ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَلْفَيْنِ، وَالْحَقُّ أَلْفًا، كَانَ مَضْمُونًا بِالْحَقِّ وَهُوَ أَلْفٌ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصحابة عمر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute