للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِي بِهِ مُسْلِمًا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ عِنْدِي أَظْهَرُ، أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ سَهْمَ رَاجِلٍ، لِأَنَّ الرَّضْخَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرَسِهِ، وَإِنْ مَلَكَهَا فَصَارَ فِي رَضْخِ نَفْسِهِ مُقَصِّرًا عَنْ سَهْمِ الرَّاجِلِ

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَبْتَدِئُوا بِالْخُرُوجِ مُتَبَرِّعِينَ مِنْ غَيْرِ إِكْرَاهٍ وَلَا إِذْنٍ فَلَا أُجْرَةَ لَهُمْ وَلَا سَهْمَ، فَأَمَّا الرَّضْخُ، فَإِنْ قَاتَلُوا رُضِخَ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا لَمْ يُرْضَخْ لَهُمْ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَأْذُونِ لَهُمْ لِأَنَّ الْإِذْنَ اسْتِعَانَةٌ؛ فَقُوبِلُوا عَلَيْهَا بِالرَّضْخِ وَحُضُورِهِمْ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ فَلَمْ يُقَابَلُوا عَلَيْهِ بِالرَّضْخِ إِلَّا عَلَى عَمَلٍ خَالَفُوا فِيهِ الْمُسْلِمَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الدَّفْعِ بِخِلَافِ الْمُشْرِكِ.

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا مِنْ حُكْمِ مَنْ يُسْتَعَانُ بِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِيمَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ أَوْ رَضْخٍ، نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ أُجْرَةً دُفِعَتْ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ، الْحَاصِلِ قَبْلَ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ الْوَاقِعِ قَبْلَهَا فَوَجَبَتْ فِي الْمَالِ الْحَاصِلِ قَبْلَهَا مِنْ أَمْوَالِ الْمَصَالِحِ، وَهُوَ خُمْسِ الْخُمْسِ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ الْفَيْءِ وَالْغَنَائِمِ الْمُعَدُّ لِعُمُومِ الْمَصَالِحِ وَفِي جَوَازِ دَفْعِهَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي مَصْرِفِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ لِلْجَيْشِ خَاصَّةً لَمْ يَجُزْ دَفْعُ أُجُورِهِمْ مِنْهُ.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ جَازَ دَفْعُ أُجُورِهِمْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ جَعَالَةً دُفِعَتْ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ الْحَاصِلِ مِنْ مَالِ الْمَغْنَمِ؛ بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْجَعَالَةَ تُسْتَحَقُّ بَعْدَ الْعَمَلِ فَوَجَبَتْ فِي الْمَالِ الْحَاصِلِ بِالْعَمَلِ، الْأُجْرَةُ مُسْتَحَقَّةٌ قَبْلَ الْعَمَلِ فَكَانَتْ مِنَ الْمَالِ الْحَاصِلِ قَبْلَهُ.

وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ رَضْخًا فَفِيمَا يُدْفَعُ مِنْهُ رَضْخُهُمْ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ.

وَالثَّانِي: مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ.

وَالثَّالِثُ: مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ غَنَائِمِ مَا قَاتَلُوا عَلَيْهِ.

فَأَمَّا رَضْخُ مَنْ حَضَرَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ.

وَالثَّانِي: مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا، وَسَنَذْكُرُ تَوْجِيهَ ذَلِكَ من بعد. والله أعلم.

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَيَبْدَأُ الْإِمَامُ بِقِتَالِ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْكُفَّارِ وَبِالْأَخْوَفِ فَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>