للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ مَجَازُ الِاسْمِ، دُونَ الْحَقِيقَةِ حُمِلَ عَلَيْهِ، وَانْصَرَفَتْ وَصِيَّتُهُ إِلَى الظَّبْيِ الْمَوْجُودِ فِي تَرِكَتِهِ، حَتَّى لَا تَبْطُلَ وَصِيَّتُهُ.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: (وَلَوْ قَالَ) بَعِيرًا أَوْ ثَوْرًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ نَاقَةً وَلَا بَقَرَةً وَلَوْ قَالَ عَشْرَ أَيْنُقٍ أَوْ عَشْرَ بَقَرَاتٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ ذَكَرًا (وَلَوْ قَالَ) عَشَرَةَ أَجَمَالٍ أَوْ أَثْوَارٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أن يعطوه أنثى (فإن قَالَ) عَشَرَةٌ مِنْ إِبِلِي أَعْطَوْهُ مَا شَاءُوا ".

قال الماوردي: أَمَّا إِذَا أَوْصَى لَهُ بِثَوْرٍ: لَمْ يُعْطَ إِلَّا ذَكَرًا، لِأَنَّ الثَّوْرَ اسْمٌ لِلذُّكُورِ، دُونَ الْإِنَاثِ.

وَلَوْ قَالَ بَقَرَةً: لَمْ يُعْطَ إِلَّا أُنْثَى، لِأَنَّ الْهَاءَ مَوْضُوعَةٌ لِلتَّأْنِيثِ، وَكَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، يُخْرِجُ فِي الْبَقَرَةِ وَجْهًا آخَرَ، أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى كَالشَّاةِ، لِأَنَّ الْهَاءَ مِنْ أَصْلِ اسْمِ الْجِنْسِ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْدِلَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالثَّوْرِ وَالْبَقَرَةِ إِلَى الْجَوَامِيسِ، بِخِلَافِ الشَّاةِ الَّتِي يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا اسْمُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، أَوْ يَقُولُ بَقَرَةً من بقري، وليس له إلا الجواميس، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الْبَقَرِ يَتَنَاوَلُهَا مَجَازًا.

لِأَنَّ إِضَافَةَ الْوَصِيَّةِ إِلَى التَّرِكَةِ، قَدْ صَرَفَ الِاسْمَ عَنْ حَقِيقَتِهِ إِلَى مَجَازِهِ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْدِلَ بِهِ إِلَى بَقَرِ الْوَحْشِ، فَإِنْ أَضَافَ الْوَصِيَّةَ إِلَى بَقَرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلا بقر الوحش، فعلى ما ذكرناه من الوجهين في الظبي.

[فصل:]

فأما إِذَا أَوْصَى بِبَعِيرٍ.

فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ لَا يُعْطَى إِلَّا ذَكَرًا، لِأَنَّ اسْمَ الْبَعِيرِ بِالذُّكُورِ أَخَصُّ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هُوَ اسْمٌ لِلْجِنْسِ، فيعطى ما شاء الوارث مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى.

فَأَمَّا إِذَا أَوْصَى لَهُ بِجَمَلٍ: لَمْ يُعْطَ إِلَّا ذَكَرًا لِاخْتِصَاصِ هذا الاسم بالذكور.

ولو أوصى بعشرة مِنْ إِبِلِهِ أَعْطَاهُ الْوَارِثُ مَا شَاءَ مِنْ ذكور وإناث، وسواء أثبت التاء فِي الْعَدَدِ، أَوْ أَسْقَطَهَا.

وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قال:

إن أثبت التاء فِي الْعَدَدِ فَقَالَ: عَشَرَةٌ مِنْ إِبِلِي. لَمْ يُعْطَ إِلَّا مِنَ الذُّكُورِ لِأَنَّ عَدَدَهَا بِإِثْبَاتِ التاء.

وإن أسقط التاء في العدد: فقال عشر مِنْ إِبِلِي لَمْ يُعْطَ إِلَّا مِنَ الْإِنَاثِ لأن عددها بإسقاط التاء.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ: عَشْرُ نِسْوَةٍ، وَعَشَرَةُ رجال. وهذا الأوجه لَهُ، لِأَنَّ اسْمَ الْإِبِلِ إِذَا كَانَ يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا، صَارَ الْعَدَدُ فِيهَا مَحْمُولًا عَلَى الْقَدْرِ، دُونَ النَّوْعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>