أَحَدُهَا: حُضُورُ الْحَاكِمِ الَّذِي حَكَمَ لَهُ بِالْقَوَدِ، أَوْ نَائِبٌ عَنْهُ لِيَكُونَ حُضُورُهُ تَنْفِيذًا لِحُكْمِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَحْضُرَهُ شَاهِدَانِ لِيَكُونَا بَيِّنَةً فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ أَوْ فِي التَّعَدِّي بِظُلْمٍ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُ مِنَ الأَعْوَانِ مَنْ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِمْ أَعَانُوا، فَرُبَّمَا حَدَثَ مَا يَحْتَاجُ إِلَى كَفٍّ وَرَدْعٍ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يُؤْمَرَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ بِمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ يَوْمِهِ، لِيَحْفَظَ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الإِضَاعَةِ.
وَالْخَامِسُ: أَنْ يُؤْمَرَ بِالْوَصِيَّةِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ مِنَ الحُقُوقِ، لِيَحْفَظَ بِهَا حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ.
وَالسَّادِسُ: أَنْ يُؤْمَرَ بِالتَّوْبَةِ مِنْ ذُنُوبِهِ، لِيَزُولَ عِنْدَ مَآثِمِ الْمَعَاصِي.
وَالسَّابِعُ: أَنْ يُسَاقَ إِلَى مَوْضِعِ الْقِصَاصِ سَوْقًا رَفِيقًا، وَلَا يُكَلَّمُ بِخَنَا وَلَا شَتْمٍ.
وَالثَّامِنُ: أَنْ تُسْتَرَ عَوْرَتُهُ بِشِدَادٍ حَتَّى لَا تَبْرُزَ لِلْأَبْصَارِ.
وَالتَّاسِعُ: أَنْ تُشَدَّ عَيْنَيْهِ بِعِصَابَةٍ حَتَّى لَا يَرَى الْقَتْلَ وَيُتْرَكُ مَمْدُودَ الْعُنُقِ، حَتَّى لَا يَعْدِلَ السَّيْفُ عَنْ عُنُقِهِ.
وَالْعَاشِرُ: أَنْ يَكُونَ سَيْفُ الْقِصَاصِ صَارِمًا لَيْسَ بِكَالٍّ وَلَا مَسْمُومٍ، لِأَنَّ الْكَالَّ وَالْمَسْمُومَ يُفْسِدُ لَحْمَهُ وَيَمْنَعُ مِنْ غُسْلِهِ، فَيُرَاعَى سَيْفُ الْوَلِيِّ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ وَإِلَّا الْتَمَسَ سَيْفًا عَلَى صِفَتِهِ أَوْ أُعْطِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، إِنْ كَانَ مَوْجُودًا، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا هَذِهِ الشُّرُوطَ وَالْأَوْصَافَ إِحْسَانًا فِي الِاسْتِيفَاءِ، وَمَنْعًا مِنَ التَّعْذِيبِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ عَلَيْكُمُ الْإِحْسَانَ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ ".
وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ " نَهَى عَنْ تَعْذِيبِ الْبَهَائِمِ " فَكَانَ النَّهْيُ عن تعذيب الآدميين أحق.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ ضَرَبَهُ بِمَا لَا يُخْطَئُ بِمِثْلِهِ مِنْ قطع رجل أو سط عُزِّرَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَلِي الْعُنُقَ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ كَتِفِهِ فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ وَأَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يُحْسِنُ ضَرْبَ الْعُنُقِ لِيُوجِيَهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَمَّا مَحَلُّ الْقِصَاصِ مِنَ النَّفْسِ فَهُوَ الْعُنُقُ يُضْرَبُ بِالسَّيْفِ مِنْ جِهَةِ الْقَفَا، لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَالسَّيْفُ فِيهِ أَمْضَى حَتَّى يَقْطَعَ الْمَرِيءَ وَالْوَدَجَيْنِ، وَلَا يُرَاعِي قَطْعَ الْحُلْقُومِ إِذَا لَمْ يَنْتَهِ السَّيْفُ إِلَيْهِ، لِأَنَّ فِي قَطْعِ الْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ تَوْجِئَةً، وَإِنْ كَانَ قَطْعُ الْحُلْقُومِ مَعَهُ أَوْجَى، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْدِلَ بِهِ إِلَى الذَّبْحِ الْمُعْتَبَرِ فِي تَذْكِيَةِ البهائم