غُلِّظَ وَخُفِّفَ، فَلَوْ رَاجَعَهَا وَهِيَ مَجْنُونَةٌ أَوْ سَكْرَانَةٌ صَحَّتْ رَجْعَتُهَا، لِأَنَّ نِكَاحَهَا فِي جُنُونِهَا وَسُكْرِهَا يَصِحُّ فَكَانَتْ رَجْعَتُهَا أَصَحَّ.
(فَصْلٌ:)
وَإِذَا شَكَّ الزَّوْجُ فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ رَجْعَتُهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِالشَّكِّ مُلْغًى فَيَسْقُطُ حُكْمُهُ فِي التَّحْرِيمِ فَسَقَطَ حُكْمُهُ فِي الرَّجْعَةِ.
وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ الرَّجْعَةَ، وَهَذَا فَاسِدٌ بِمَا ذَكَرْنَا.
وَأَمَرَهُ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَفْسَدُ.
وَقَدْ حَكَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ: لَا أَدْرِي أَطَلَّقْتُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: هِيَ امْرَأَتُكَ حَتَّى تَسْتَيْقِنَ أَنَّكَ طَلَّقْتَهَا فَذَهَبَ إِلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: رَاجِعْهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ طَلَّقْتَهَا لَا تَضُرَّكَ الرَّجْعَةُ فَذَهَبَ إِلَى شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ: طَلِّقْهَا ثُمَّ رَاجِعْهَا، قَالَ فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى زُفَرَ بْنِ الْهُذَيْلِ فَأَخْبَرَهُ بِمَقَالَتِهِمْ فَقَالَ لَهُ زُفَرُ أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَأَفْتَاكَ بِالْفِقْهِ. وَأَمَّا سُفْيَانُ فَأَفْتَاكَ بِالْوَرَعِ وَالِاحْتِيَاطِ، وَأَمَّا شَرِيكٌ فَسَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلًا فِيهِ مَثَلُهُ مَثَلُ رَجُلٍ مَرَّ بِثَقْبٍ فَسَالَ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْهُ حَتَّى تَسْتَيْقِنَ أَنَّهُ نَجِسٌ، وَأَمَّا سُفْيَانُ فَإِنَّهُ أَمَرَهُ بِغَسْلِهِ فَإِنْ كَانَ طَاهِرًا لَمْ يَضُرَّهُ، والْغَسْلُ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا فَقَدْ غَسَلَهُ، وَأَمَّا شَرِيكٌ فَقَالَ بُلْ عَلَيْهِ ثُمَّ اغْسِلْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute