مُتَقَدِّمًا عَلَى الْفَلَسِ وَكَانَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْمَبِيعِ قَبْلَ الزِّيَادَةِ جَازَ أَنْ يَرْجِعَ بِالْمَبِيعِ بَعْدَ حُدُوثِ الزِّيَادَةِ وَكَانَ أَبُو الْفَيَّاضِ الْبَصْرِيُّ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِفَرْقٍ ثَالِثٍ فَيَقُولُ: لَمَّا كَانَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الصَّدَاقِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ بِطَلَاقِهِ صَارَ مُتَّهَمًا بِالطَّمَعِ فِي الزِّيَادَةِ فَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ بِالصَّدَاقِ مَعَ حُدُوثِ الزِّيَادَةِ وَلَمَّا كَانَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الْبَائِعِ عَيْنَ مَالِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي بِفَلَسِهِ انْتَفَتِ التُّهْمَةُ عَنِ الْبَائِعِ بِالطَّمَعِ فِي الزِّيَادَةِ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِعَيْنِ مَالِهِ مَعَ حُدُوثِ الزِّيَادَةِ. وَكَانَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِفَرْقٍ رَابِعٍ فَيَقُولُ: لَمَّا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَعْدِلَ عَنْ عَيْنِ مَالِهِ إِذَا كَانَ مَوْجُودًا إِلَى الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ الْقِيمَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ مَالِهِ مَعَ حُدُوثِ الزِّيَادَةِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَعْدِلَ عَنِ الصَّدَاقِ إِذَا كَانَ مَوْجُودًا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ إِذَا كان زائدا. والله أعلم.
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ بَاعَهُ نَخْلًا فِيهِ ثَمْرٌ أَوْ طَلْعٌ قَدْ أُبِّرَ وَاسْتَثْنَاهُ الْمُشْتَرِي وَقَبَضَهَا وَأَكَلَ الثَّمَرَ أَوْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ ثَمَّ فَلَسَ أَوْ مَاتَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ عَيْنَ مَالِهِ وَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي حِصَّةِ الثَّمَرِ يَوْمَ قَبْضِهِ لَا يَوْمَ أَكْلِهِ وَلَا يَوْمَ أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا أَنْ يَبْتَاعَ النَّخْلَ مَعَ الثَّمَرَةِ ثُمَّ فَلَسَ وَقَدْ بَقِيَتِ النَّخْلُ وَتَلِفَتِ الثَّمَرَةُ فَلَا تَخْلُو الثَّمَرَةُ وَقْتَ الْعَقْدِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُؤَبَّرَةً.
أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً لَمْ تَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ إِلَّا بِالشَّرْطِ فَيَصِيرُ الْعَقْدُ قَدْ تَضَمَّنَ شَيْئَيْنِ مَقْصُودَيْنِ بِهِ فَإِذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ اسْتِهْلَاكِ الثَّمَرِ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْلَ بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ تَلِفَتِ الثَّمَرَةُ بِاسْتِهْلَاكِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِجَائِحَةٍ مِنَ السَّمَاءِ كَمَا لَوْ تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ كَانَ لِلْبَائِعِ أَخْذُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ تَلَفُ التَّالِفِ بِحَادِثِ سَمَاءٍ أَوْ جِنَايَةِ آدَمِيٍّ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودٌ بِالْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ وَقْتَ الْعَقْدِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ فَدُخُولُهَا فِي الْعَقْدِ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ لَا بِالشَّرْطِ فَعَلَى هَذَا لَا يَخْلُو تَلَفُهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِجَائِحَةٍ مِنْ سَمَاءٍ أَوْ بِجِنَايَةٍ بِاسْتِهْلَاكِ آدَمِيٍّ فَإِنْ كَانَ تَلَفُهَا بِاسْتِهْلَاكِ آدَمِيٍّ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْلَ بِحِسَابِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَقِسْطِهِ سَوَاءٌ كَانَ اسْتَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٌّ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا اسْتَهْلَكَهَا فَقَدْ صَارَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، وَإِذَا اسْتَهْلَكَهَا غَيْرُهُ فَقَدِ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ بَدَلُهَا فَصَارَتْ فِي الْحَالَيْنِ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بِقِسْطِهَا مِنَ الثَّمَنِ فَيَضْرِبُ بِهِ الْبَائِعُ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ تَلَفُهَا بِجَائِحَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْلَ إِنْ شَاءَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ هَاهُنَا تَبَعٌ وَلَمْ يَصِلِ الْمُشْتَرِي إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَلَمْ يلزمه غرمها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute