للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِلَا الْوَقْتَيْنِ مُسْقِطٌ لِغَرَضِ الطَّوَافِ بِفِعْلِهِ، وَلِأَنَّهُ رُكْنٌ أَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِهِ الْمُخْتَارِ إِلَى وَقْتٍ يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ بِفِعْلِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ دَمٌ بِتَأْخِيرِهِ قِيَاسًا عَلَى تَأْخِيرِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ من زمان النهار إلى زمان الليل.

مسألة: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِرِوَايَةِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى سِقَايَةَ الْعَبَّاسِ بَعْدَ إِفَاضَةٍ فَشَرِبَ مِنْ شَرَابِهَا وَكَانَ طَاوُسٌ يَقُولُ: شَرِبَ ذَلِكَ بَعْدَ الِإِفَاضَةِ مَنْ تَمَامِ الْحَّجِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنَّ تَرْكَهُ تَارِكٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ تَرَكَ مَحْبُوبًا لَا فَرْضًا، ثُمَّ يَدْخُلُ إِلَى زَمْزَمَ فَيَشْرَبُ مِنْهَا ثَلَاثَ جُرَعٍ وَيَغْسِلُ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَيَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ لِمَا رُوِيَ فِيهَا مِنَ الْأَخْبَارِ وَنُقِلَ مِنَ الْآثَارِ فَرَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ ".

قَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ إِنْ شَرِبْتَهُ تُرِيدُ بِهِ الشِّفَاءَ شفاك الله، وإن شربته للظماء أَرْقَاكَ اللَّهُ، وَإِنْ شَرِبْتَهُ لِجُوعٍ أَشْبَعَكَ اللَّهُ وهي هزمة جبريل والهزمة العمرة بِالْعَقِبِ فِي الْأَرْضِ.

وَرَوَى حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: مَا كَانَ لَنَا طَعَامٌ إِلَّا مَاءَ زَمْزَمَ فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَخُفَةَ جوعٍ، فَقَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَهَا طَعَامُ طُعْمٍ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ ".

وَرَوَى خَالِدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُتَضَلِّعُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بَرَاءَةٌ مَنَ النِّفَاقِ " وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: " خَيْرُ بِئْرٍ فِي الْأَرْضِ بِئْرُ زَمْزَمَ وَشَرُّ بِئْرٍ مِنَ الْأَرْضِ بِئْرٌ بِحَضْرَمَوْتَ " فَقَالَ: " إِنَّ فِيهَا أَرْوَاحَ الْكَافِرِينَ ".

وَرَوَى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلُّوا فِي مُصَلَّى الْأَخْيَارِ، وَاشْرَبُوا شَرَابَ الْأَبْرَارِ، قِيلَ: وَمَا مُصَلَى الْأَخْيَارِ، فَقَالَ: تَحْتَ الْمِيزَابِ، قِيلَ: وَمَا شَرَابُ الْأَبْرَارِ، قَالَ: زَمْزَمَ، وَيُخْتَارُ إِذَا شَرِبَ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ مَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا شَرِبْتَ مَاءَ زَمْزَمَ فَاسْتَقْبِلِ الْبَيْتَ، وَقُلِ اللَّهُمَّ إني أسألك علماً نافاً وَرِزْقًا وَاسِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ.

مَسْأَلَةٌ: قال الشافعي رضي الله عنه: " ثَمَّ يَرْمِي أَيَّامَ مِنًى الثَّلَاثَةَ فِي كُلِّ يَوْمٍ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ الْجَمْرَةَ الْأَوْلَى بِسَبْعِ حصياتٍ وَالثَّانِيَةَ بسبعٍ وَالثَّالِثَةَ بسبعٍ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>