للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ يَشْتَرِطَا فِي الْقِسْمَةِ قَطْعَهَا فِي الْحَالِ، فَهَذَا فِي الثَّمَرَةِ إِذَا كَانَتْ بَادِيَةَ الصَّلَاحِ فَأَمَّا الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا بَعْدُ فَتَخْرِيجُ هَذِهِ الْوُجُوهِ فِي صِحَّةِ قِسْمَتِهَا يُبْنَى عَلَى أربعة أحوال:

أَحَدُهَا: أَنْ يَبِيعَهَا مُفْرَدَةً مِنْ غَيْرِ شَرْطِ القطع لا يصح.

والثاني: أن يبيعها تبع لِلنَّخْلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ يَصِحُّ.

وَالثَّالِثُ: أن شرط القطع مع الإشاعة فيها لَا يَصِحُّ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَبِيعَهَا مُفْرَدَةً مِنْ صَاحِبِ النَّخْلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ عَلَى وَجْهَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ كَغَيْرِهِ.

وَالثَّانِي: يَصِحُّ لِحُصُولِ الثَّمَرَةِ وَالْأَصْلُ فِي مِلْكِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيَصِيرُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ، فَإِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْأُصُولُ صَحَّ فِي قِسْمَتِهَا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ عَلَى وَجْهَيْنِ وَالْخَامِسُ لَا يَصِحُّ وَذَلِكَ يَتَبَيَّنُ بِالتَّأَمُّلِ وَالْفِكْرِ فَتَأَمَّلْهُ تَجِدْهُ صَحِيحًا، وَعَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ جَارِيًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

مَسْأَلَةٌ:

قال الشافعي رضي الله عنه: " وثمر النخل يختلف فَثَمَرُ النَّخْلِ يُجَدُّ بِتِهَامَةَ وَهِيَ بِنَجْدٍ بُسْرٌ وبلح فيضم بعض ذلك إِلَى بَعْضٍ لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عامٍ واحدٍ وَلَوْ كان بينها الشَهْرُ وَالشَّهْرَانِ وَإِذَا أَثْمَرَتْ فِي عَامٍ قَابِلٍ لم يضم ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ:

أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى الْعَادَةَ فِي الثِّمَارِ أَنْ تُدْرَكَ حَالًا بَعْدَ حال، ولا تدرك دفعة واحدة، لما فِي إِدْرَاكِهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنَ الْإِضْرَارِ بِأَرْبَابِهَا، وَإِذَا أُدْرِكَتْ حَالًا بَعْدَ حَالٍ كَانَ أَمْتَعَ بها وأنفع لأربابها، وأجرى الْعَادَةَ فِي ثِمَارِ الْبِلَادِ الْحَامِيَةِ كَتِهَامَةَ وَالْحِجَازِ أَنْ يَتَعَجَّلَ إِطْلَاعُهَا وَإِدْرَاكُهَا، لِغِلَظِ الْهَوَاءِ وَشِدَّةِ الْحَرِّ، وَفِي ثِمَارِ الْبِلَادِ الرَّطْبَةِ كَنَجْدٍ وَالْعِرَاقِ أَنْ يَتَأَخَّرَ إِطْلَاعُهَا وَإِدْرَاكُهَا لِرِقَّةِ الْهَوَاءِ وَقُوَّةِ الْبَرْدِ، لِمَصْلَحَةٍ عَلِمَهَا وَحِكْمَةٍ اسْتَأْثَرَ بِهَا، وَأَجْرَى فِي عَادَةِ النَّخْلِ أَنْ يَكُونَ مِنْ بُدُوِّ إِخْرَاجِهَا وَإطلاعِهَا إِلَى مُنْتَهَى نُضْجِهَا وَإِدْرَاكِهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: إِنَّ النَّخْلَ يَحُولُ فِي السَّنَةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ فِي بَاقِي السَّنَةِ حَامِلٌ إِمَّا ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا.

فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ ضَمِّ ثِمَارِ الْعَامِ الْوَاحِدِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ بُلْدَانٍ شَتَّى، فَثَمَرُ النَّخْلِ يُجَدُّ بتهامة وهو بنجد بسر وبلح وجملته، وهو أَنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُ النَّخْلَيْنِ الْمُتَغَايِرَيْنِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ.

إِمَّا أَنْ يَتَّفِقَ إِطْلَاعُهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>