أَوْ يَخْتَلِفَ إِطْلَاعُهُمَا، وَتَغَايُرُهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
إِمَّا في النوع كالنخل البري وَالنَّخْلِ الْمَعْقِلِيِّ.
وَإِمَّا فِي الْمَوْضِعِ كَالنَّخْلِ الْتِهَامِيِّ وَالنَّخْلِ النَّجْدِيِّ، وَإِنِ اتَّفَقَ إِطْلَاعُ النَّخْلَيْنِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ سَوَاءٌ اتَّفَقَ إِدْرَاكُهُمَا أَوِ اختلف لأنها ثمرة عام، وإن اختلفت إِطْلَاعُهُمَا لَمْ يَخْلُ حَالُ الثَّانِيَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أقسام:
إما أن تطلع قبل بدو الصلاح الأول.
أَوْ تَطْلُعَ بَعْدَ جِدَادِ الْأُولَى.
أَوْ تَطْلُعَ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِ الْأُولَى وَقَبْلَ جِدَادِهَا.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ إِذَا أَطْلَعَتِ الثَّانِيَةُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِ الْأُولَى أَوْ مَعَهُ، كَأنَّ نَخْلَ تِهَامَةَ أَطْلَعُ وَصَارَ بُسْرًا لَمْ يبد صَلَاحَهُ بِصُفْرَةٍ وَلَا حُمْرَةٍ، ثُمَّ أَطْلَعَ نَخْلُ نَجْدٍ فَهَذَا يُضَمُّ، لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ، وَلِأَنَّ اتِّفَاقَ إِطْلَاعِهِمَا مُتَعَذِّرٌ، بَلِ النَّخْلَةُ الْوَاحِدَةُ قَدْ يَخْتَلِفُ أَطْلَاعُهَا، فكيف بنخل متغاير.
وأما القاسم الثَّانِي: إِذَا أَطْلَعَتِ الثَّانِيَةُ بَعْدَ جِدَادِ الْأُولَى كَأَنَّ نَخْلَ تِهَامَةَ أَطْلَعُ وَصَارَ تَمْرًا يَابِسًا وَجُدَّ عَنْ نَخْلِهِ وَصُرِمَ، ثُمَّ أَطْلَعَ النَّخْلُ الْآخَرُ، فَلَا تُضَمُّ هَذِهِ الثَّانِيَةُ إِلَى الْأَوْلَى، لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ فِي ثَمَرَةِ الْعَامِ الواحد بها، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا وَبِقَاعُهَا، وَمَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا تُضَمُّ فَقَدْ أَخْطَأَ نَصُّ الْمَذْهَبِ، وَجَهِلَ عَادَةَ الثَّمَرِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: إِذَا أَطْلَعَتِ الثَّانِيَةُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِ الْأُولَى وَقَبْلَ جِدَادِهَا، كانت الْأُولَى أَطْلَعَتْ وَصَارَتْ رُطَبًا ثُمَّ أَطْلَعَتِ الثَّانِيَةُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ضَمِّهَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا تضم وَيَكُونُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ عَلَمًا فِي ضَمِّ الثِّمَارِ، اسْتِدْلَالًا بِمَذْهَبٍ وَحِجَاجٍ.
أَمَّا الْمَذْهَبُ فَمَا رَوَاهُ حَرْمَلَةُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ثَمَرٌ مُخْتَلِفٌ فَبَدَا الصَّلَاحُ فِي بَعْضِهَا وَبَعْضُهَا بُسْرٌ وَبَلَحٌ، ضُمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، لِأَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، فَجَعَلَ عِلَّةَ الضَّمِّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ.
وَأَمَّا الْحِجَاجُ فَهُوَ أَنَّ ضَمَّ الثِّمَارِ كَضَمِّ السِّخَالِ، فَلَمَّا اعْتُبِرَ فِي ضَمِّ السِّخَالِ وَجُودُهَا قَبْلَ الْحَوْلِ لِأَنَّ بِالْحَوْلِ تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي ضَمِّ الثِّمَارِ بُدُوُّ الصَّلَاحِ، لِأَنَّ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ تجب الزكاة.