للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ تُسَاوِيَهَا فِي الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ، لِأَنَّهَا عِنْدَنَا فُرْقَةٌ وَاحِدَةٌ؛ وَلِأَنَّ الْأَمَةَ مُسَاوِيَةٌ لِلْحُرَّةِ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ مِنَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ، وَالسُّكْنَى فَوَجَبَ أَنْ تُسَاوِيَهَا فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ.

وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يُطَلِّقُ الْعَبْدُ تَطْلِيقتَيْنِ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ حَيْضَتَيْنِ ".

وَرَوَى مُظَاهِرُ بْنَ أَسْلَمَ عَنِ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " طَلَاقُ الْأَمَةِ طَلْقَتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ " وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَثْبَتُ؛ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ مُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ الْتِوَاءً، وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ قَالَ: يُطَلِّقُ الْعَبْدُ تَطْلِيقتَيْنِ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ حَيْضَتَيْنِ، وَوَافَقَهُ عَلِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا، وَلِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مَوْضُوعٌ عَلَى التَّفَاضُلِ فِيمَا عَدَا بِحَسَبِ التَّفَاضُلِ فِي الْمُسْتَبْرَأِ؛ لِأَنَّ اسْتِبْرَاءَ الْأَمَةِ فِي الْمِلْكِ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ لِنَقْصِهَا بِالرِّقِّ وَعَدَمِ الْعَقْدِ وَاسْتِبْرَاءَ الْحُرَّةِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ لِكَمَالِهَا بِالْحُرِّيَّةِ وَالْعَقْدِ وَنِكَاحُ الْأَمَةِ مُنَزَّلٌ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ سَاوَتِ الْحُرَّةَ فِي الْعَقْدِ، وَشَارَكَتِ الْأَمَةَ فِي الرِّقِّ فَصَارَتْ مُقْتَصِرَةً عَنِ الْحُرَّةِ بِالرِّقِّ وَمُتَقَدِّمَةً عَلَى الْأَمَةِ بِالْعَقْدِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مَنْزِلَتَيْهِمَا فِي الْحُرْمَةِ فَتَزِيدُ عَلَى الْأَمَةِ قُرْءًا بِالْعَقْدِ، وَتَنْقُصُ عَنِ الْحُرَّةِ قرءاً بالرق فيكون عليها قرءان.

فأما الآية فمخصوصة العموم بما ذكرنا.

أما الْحَمْلُ فَإِنَّمَا سَاوَتِ الْأَمَةُ فِيهِ الْحُرَّةَ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ

وَأَمَّا أَحْكَامُ النِّكَاحِ فَهِيَ فِي أَكْثَرِهَا مُخَالِفَةٌ لِلْحُرَّةِ، وَكَذَلِكَ فِي أَكْثَرِ الْعِدَّةِ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا عِدَّةُ الْأَمَةِ بِالشُّهُورِ فَعِدَّةُ وَفَاةٍ، وَعِدَّةُ طَلَاقٍ.

فَأَمَّا عِدَّةُ الْوَفَاةِ فَعَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرَّةِ شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ، لِأَنَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

وَأَمَّا عِدَّةُ الطَّلَاقِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَقْرَاءِ لِصِغَرٍ أَوْ إِيَاسٍ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ عَلَى الْحُرَّةِ؛ وَفِيمَا تَعْتَدُّ بِهِ الْأَمَةُ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ أَقَيْسُ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِنِصْفِهَا، شَهْرًا وَنِصْفًا لِيُجْزِئَهَا عَلَى الصِّحَّةِ كَالْعِدَّةِ مِنَ الْمَوْتِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَعْتَدُّ شَهْرَيْنِ بَدَلًا مِنْ قُرْأَيْنِ، لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ فِي مُقَابِلِهِ قُرْءٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>