[(كتاب الحجر)]
أَمَّا الْحَجْرُ فَهُوَ مِنْ كَلَامِهِمُ الْمَنْعُ.
سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّصَرُّفِ باختياره.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] . ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَمَعْنَى قَوْلِهِ (ابْتَلُوا) أَيِ اخْتَبِرُوا، وَقَوْلُهُ (الْيَتَامَى) هُمُ الصغار الذين ليس لهم آباء لأن اليتم فِي الْآدَمِيِّينَ بِمَوْتِ الْآبَاءِ وَفِي الْبَهَائِمِ بِمَوْتِ الْأُمَّهَاتِ لِأَنَّ الْبَهِيمَةَ تُنْسَبُ إِلَى أُمِّهَا فَكَانَ يُتْمُهَا بِمَوْتِ الْأُمِّ، وَالْآدَمِيُّ يُنْسَبُ إِلَى أَبِيهِ فَكَانَ يُتْمُهُ بِمَوْتِ الْأَبِ. وَقَوْلُهُ: {حَتَّى إِذَا بلغوا النكاح} [النساء: ٦] يعني الاحتلام لأن بالاحتلام يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ التَّكْلِيفُ وَيَزُولُ عَنْهُ الْيُتْمُ.
قَالَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يُتْمَ بَعْدَ حُلُمٍ) .
وَقَوْلُهُ {فَإِنْ آنَسْتُمْ} أي علمتم منهم رشدا في الرُّشْدِ ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ الْعَقْلُ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ الْعَقْلُ وَالصَّلَاحُ فِي الدِّينِ وَهُوَ قَوْلُ السُّدِّيِّ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ وَالصَّلَاحُ فِي الْمَالِ وَهُوَ قول ابن عباس. والحسن والبصري. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] يَعْنِي الَّتِي تَحْتَ أَيْدِيكُمْ {ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا} أَيْ لَا تَأْخُذُوهَا إِسْرَافًا يَعْنِي عَلَى غَيْرِ مَا أَبَاحَ اللَّهُ لَكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute