للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا مُحَابَاةٌ قَدَّمْتُهَا عَلَى أَهْلِ الْوَصَايَا وَجْهًا واحدا لأنها مُقَابَلَة عَمَلٍ يَتَعَلَّقُ بِإِنْفَاذِ وَصَايَاهُمْ وَلَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ غَيْرَ الثُّلُثِ فَلِذَلِكَ يُقَدَّمُ بِهَا.

وَإِنْ كان فيها محاباة: تقدمهم بأجرة المثل، وَشَارَكَهُمْ فِي الثُّلُثِ لِمُحَابَاتِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ وَصِيًا عَلَى أَيْتَامِ وَلَدِهِ: فَإِنَّ أُجْرَتَهُ عِنْدَ إِطْلَاقِ الْمُوصِي تَكُونُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُحَابَاةٌ، وَيَكُونُ الْوَصِيُّ وَكِيلًا مُسْتَأْجَرًا بِعَقْدِ الْأَبِ الْمُوصِي.

فَإِنْ كَانَ فِي الْأُجْرَةِ مُحَابَاةٌ: كَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَكَانَتِ الْمُحَابَاةُ وَصِيَّة ثُلُثِ الْمُوصِي يُضْرَبُ بِهَا مَعَ أَهْلِ الْوَصَايَا.

فَإِنْ جَعَلَ الْمُوصِي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ فِي ثُلُثِهِ: كَانَتْ فِيهِ، فَإِنِ احْتَمَلَهَا الثُّلُثُ فَلَا شَيْءَ فِي مَالِ اليتيم، ولا خيار للموصي.

وَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنْهَا: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فيها محاباة، ضُرِبَ مَعَ أَهْلِ الْوَصَايَا بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ، وَأُخِذَ مِنْهَا قَدْرُ مَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، ثم قسط الباقي في الْمُسَمَّى لَهُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْمُحَابَاةِ، فَمَا بَقِيَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، رَجَعَ بِهِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَمَا بَقِيَ مِنَ الْمُحَابَاةِ، يَكُونُ باطلا.

مثاله: أَنْ يَكُونَ قَدْ جَعَلَ لَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، وَقَدْرُ مَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنَ الْمِائَةِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، فَإِذَا أَخَذَهَا فَقَدْ أَخَذَ نِصْفَ الْمُسَمَّى مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْمُحَابَاةِ، وَبَقِيَ النِّصْفُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، مِنْهَا نِصْفُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا بَقِيَّةُ أُجْرَةِ مِثْلِهِ يَرْجِعُ بِهَا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَنِصْفُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ درهما نصيب المحاباة، فتكون بَاطِلَةً وَيَكُونُ الْوَصِيُّ بِالْخِيَارِ فِي الْفَسْخِ لِنُقْصَانِ مَا عَاقَدَ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَسَخَ أَقَامَ الْحَاكِمُ من أمنائه من يقوم مقامه مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ نُصِبَ لِلْقِيَامِ بِذَلِكَ، وَرِزْقُهُ، وَأُجُورُ أُمَنَائِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

فإن لم يكن ببيت المال مال، يدفع أُجْرَةَ أَمِينٍ، وَلَا وَجَدَ مُتَطَوِّعًا: كَانَتْ أُجْرَتُهُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ.

وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَدْخُلُهَا دور وطريق عمله مَا ذَكَرْنَا فِي الْحَجِّ، فَصَارَ مَحْصُولُ هَذَا الْفَصْلِ فِي إِطْلَاقِ أُجْرَةِ الْوَصِيِّ إِذَا لَمْ يكن فِيهَا مُحَابَاةٌ أَنْ يُنْظَرَ فَإِنْ كَانَ وَصِيًّا فِي الْبَعْضِ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ وَصِيًّا فِي تَأْدِيَةِ حُقُوقٍ، فَأُجْرَتُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

وَإِنْ كَانَ وَصِيًّا فِي تَفْرِيقِ ثُلُثٍ، فَأُجْرَتُهُ مُقَدَّمَةٌ فِي الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ وَصِيًّا عَلَى يَتِيمٍ، فأجرته في مال اليتيم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " هذا آخر ما وصفت من هذا الكتاب أنه وَضَعَهُ بِخَطِّهِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَمِعَهُ مِنْهُ وسمعته يَقُولُ لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ دَنَانِيرِي أُعْطِيَ دِينَارَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ دنانيري أعطوه ما شاءوا اثنين ".

<<  <  ج: ص:  >  >>