فَأَمَّا دُخُولُ الْحَمَّامِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ. فَإِنْ لَمْ تَجْرِ عَادَةُ أَهْلِهَا بِدُخُولِ الْحَمَّامِ كَالْقُرَى لَمْ يَجِبْ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَهْلِهَا كَالْأَمْصَارِ كَانَ أَقَلُّ مَا يَلْزَمُهُ لَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ النِّسَاءِ يَغْتَسِلْنَ بِهِ وَيَخْرُجْنَ بِهِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ الَّذِي يَكُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً فِي الْغَالِبِ، فَأَمَّا الْحِنَّاءُ وَالِاخْتِضَابُ بِهِ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الزَّوْجُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَمْ يَلْزَمْهَا، وَإِنْ طَلَبَهُ الزَّوْجُ وَجَبَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ وَوَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَتُهُ، رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ " لَعَنَ السَّلْتَاءَ وَالْمَرْهَاءَ " وَالسَّلْتَاءُ: الَّتِي لَا تَخْتَضِبُ وَالْمَرْهَاءُ الَّتِي لَا تَكْتَحِلُ تَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا كَرِهَتْ زَوْجَهَا لِيُفَارِقَهَا فَلِذَلِكَ لَعَنَهَا.
فَأَمَّا الطِيِبُ فَمَا كَانَ مِنْهُ مُزِيلًا لِسَهُوكَةِ الْجَسَدِ فَهُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الزَّوْجِ لَهَا، وَمَا كَانَ مِنْهُ مُسْتَعْمَلًا لِلِالْتِذَاذِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِرَائِحَتِهِ فَهُوَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَامَ بِهِ لَزِمَهَا اسْتِعْمَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ لَمْ يستحق المطالبة به.
[(فصل)]
فأما خدامها فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الزَّوْجِ دُهْنًا وَلَا مُشْطًا، لِأَنَّهَا زِينَةٌ تُقْصَدُ فِي الزَّوْجَاتِ دُونَ الْخَدَمِ، فَأَمَّا مَا احْتَاجَ إِلَيْهِ مِنَ الدَّوَاءِ فَيَسْتَحِقُّهُ عَلَى مَالِكِهِ مِنَ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلزَّوْجِ فَدَوَاؤُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ الَّتِي لَا يَجِبُ دَوَاؤُهَا عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ الْخَادِمُ مِلْكًا لِلزَّوْجَةِ كَانَ دَوَاؤُهُ عَلَيْهَا.
(الْقَوْلُ فِي وُجُوبِ كِسْوَةِ الزوجة)
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَفُرِضَ لَهَا مِنَ الْكِسْوَةِ مَا يُكْسَى مِثْلُهَا بِبَلَدِهَا عِنْدَ الْمُقْتِرِ مِنَ الْقُطْنِ الْكُوفِيِّ وَالْبَصْرِيِّ وَمَا أَشْبَهَهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا كِسْوَةُ الزَّوْجَةِ فَمُسْتَحَقَّةٌ عَلَى الزَّوْجِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣] وَلِأَنَّ اللِّبَاسَ مِمَّا لَا تَقُومُ الْأَبْدَانُ فِي دَفْعِ الحر البرد إِلَّا بِهِ، فَجَرَى فِي اسْتِحْقَاقِهِ عَلَى الزَّوْجِ مَجْرَى الْقُوتَ، وَإِذَا وَجَبَتِ الْكِسْوَةُ تَعَلَّقَ بِهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: عَدَدُ الثِّيَابِ.
وَالثَّانِي: جِنْسُهَا.
وَالثَّالِثُ: مِقْدَارُهَا.
فَأَمَّا الْعَدَدُ فَأَقَلُّ مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَى الزَّوْجِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ فِي الصَّيْفِ وَأَرْبَعَةٌ فِي الشِّتَاءِ. قَمِيصٌ لِجَسَدِهَا وَقِنَاعٌ لِرَأْسِهَا، وَسَرَاوِيلُ أَوْ مِئْزَرٌ لِوَسَطِهَا.
وَالرَّابِعُ: جُبَّةٌ تَخْتَصُّ بِالشِّتَاءِ، فَأَمَّا الْمِلْحَفَةُ فَلَا تَجِبُ، لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَيْهَا إِلَّا فِي الْخُرُوجِ الَّتِي تَلْتَحِفُ بِهَا، وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنَ الْخُرُوجِ فَسَقَطَ عَنْهُ مَا احْتَاجَتْ إِلَيْهِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute