للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، حَمْلُ الْجَوَابِ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَيَكُونُ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ يَدْخُلَانِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَا يَدْخُلَانِ فِيِ عَقْدِ الرَّهْنِ إِلَّا بِشَرْطٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْبَيْعَ عقد ينقل الملك قد حل فِيهِ تَوَابِعُ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ شَرْطٍ لِقُوَّتِهِ، وَعَقْدُ الرَّهْنِ وَثِيقَةٌ لَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ، فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ إِلَّا مَا سُمِّيَ لِضَعْفِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا تَبِعَهُ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ تَبِعَهُ مَا كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْعَقْدِ، وَالرَّهْنُ لَمَّا لَمْ يَتْبَعْهُ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَتْبَعْهُ مَا كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْعَقْدِ.

(فَصْلٌ)

إِذَا قَالَ رَهَنْتُكَ هَذَا الْبُسْتَانَ فَإِنَّ الْغِرَاسَ وَالشَّجَرَ يَدْخُلَانِ فِي الرَّهْنِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، لِأَنَّ الْبُسْتَانَ اسْمٌ يَشْتَمِلُ عَلَى الْأَرْضِ وَمَا فِيهَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ دَخَلَ فِي الرَّهْنِ جَمِيعُ بِنَائِهَا، لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ لَا يَنْطَلِقُ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا مَعَ بِنَائِهَا.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ رَهَنَ شَجَرًا وَبَيْنَ الشَّجَرِ بَيَاضٌ فَالشَّجَرُ رَهْنٌ دُونَ الْبَيَاضِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ إلا ما سمي ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ

إِذَا رَهَنَ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الرَّهْنِ بَيَاضُ الْأَرْضِ، وَكَذَا الْبَيْعُ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَصْحَابُنَا، لِأَنَّ الشَّجَرَ فَرْعٌ تَابِعٌ وَالْأَرْضَ أَصْلٌ مَتْبُوعٌ، وَالْفَرْعُ قَدْ يَتْبَعُ أَصْلَهُ، وَالْأَصْلُ لَا يَتْبَعُ فَرْعَهُ. فَأَمَّا قَرَارُ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ مِنَ الْأَرْضِ فَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي الرَّهْنِ، لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِيهِ، وَهَلْ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَدْخُلُ فِيهِ كَالرَّهْنِ.

وَالثَّانِي: يَدْخُلُ فِيهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قُوَّةِ الْبَيْعِ وَضَعْفِ الرَّهْنِ.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا رَهَنَ ثَمَرًا قَدْ خَرَجَ مِنْ نَخْلَةٍ قبل يحل بَيْعُهُ وَمَعَهُ النَّخْلُ فَهُمَا رَهْنٌ لِأَنَّ الْحَقَّ لَوْ حَلَّ جَازَ أَنْ يُبَاعَ وَكَذَلِكَ إِذَا بلغت هذه الثمرة قبل محل الحق وبيعت خُيِّرَ الرَّاهِنُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا مَرْهُونًا مَعَ النَّخْلِ أَوْ قِصَاصًا إِلَّا أَنْ تَكُونَ هذه الثمرة تيبس فلا يكون لَهُ بَيْعُهَا إِلَّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، إِذَا رَهَنَهُ تَمْرًا مَعَ نَخْلِهِ صَحَّ الرَّهْنُ مِنْهُمَا، سَوَاءٌ كَانَتِ الثَّمَرَةُ بادية الصلاح أو غير بادية الصلاح، مرة كانت أو غير مرة، وَلَيْسَ يَحْتَاجُ صِحَّةُ الرَّهْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>