قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْعُذْرَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِعَدَمِ الزِّنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَعَوْدِ الْبَكَارَةِ بَعْدَ الزِّنَا، فَلَمَّا احْتُمِلَ الْأَمْرَيْنِ سقط الحد عنها؛ لأن الحد يدرأ بالشبهة، وَلَا يَجِبُ مَعَ الِاحْتِمَالِ، وَأَمَّا الشُّهُودُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ بَقَاءَ الْعُذْرَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَعَوْدِهَا بَعْدَ الزِّنَا فَيَكُونُوا صَادِقِينَ، وَيُحْتَمَلُ أن يكون لعدم الزنا فيكونوا كاذبين فلا حد عليهم وَهُمْ عَلَى الْعَدَالَةِ، فَلَمْ يَجِبْ أَنْ يُجَرَّحُوا بالشك وجنب المؤمن حمى فلم يجب أن يحد بِالشُّبْهَةِ، وَلَوْ بَانَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا بِالزِّنَا أَنَّهَا رَتْقَاءُ، أَوْ قَرْنَاءُ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ القرن والرتق يَمْنَعُ مِنْ إِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ لَمْ تُحَدَّ كَالْعُذْرَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْنَعُ مِنْ إيلاجها في الفرج حدث بِخِلَافِ الْعُذْرَةِ، ثُمَّ تَكُونُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَإِنْ سقط الحد مُسْقِطَةً لِعِفَّتِهَا، فَإِنْ قَذَفَهَا قَاذِفٌ لَمْ يُحَدَّ لِكَمَالِ الشَّهَادَةِ بِالزِّنَا وَسُقُوطِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ.
(فَصْلٌ)
وإذا شهد أربعة على رجل أنه زنا بامرأة فشهد اثنان منهم أنه زنا بِهَا فِي الزَّاوِيَةِ الْيُمْنَى مِنْ هَذَا الْبَيْتِ، وشهد الآخران، أنه زنا بِهَا فِي الزَّاوِيَةِ الْيُسْرَى مِنْهُ لَمْ يَجِبِ الْحَدُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.