للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الثانية فكبر خمسا، وقرأ الفاتحة {واقتربت السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: ١] وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا لَهُ الْقِرَاءَةَ بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ بِمَاذَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاةِ الْعِيدِ؟ فَقَالَ فِي الْأُولَى بِ {قاف} وفي الثانية ب {اقتربت الساعة} فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: صَدَقْتَ فَلَوْ قرأ في الأولى بسبح وفي الثانية بالغاشية، أَوِ اقْتَصَرَ فِيهِمَا عَلَى الْفَاتِحَةِ أَجْزَأَهُ، وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ عَلَيْهِ، وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ، لِمَا روي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ إِلَّا الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ، فَإِنْ أَسَرَّ فَقَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ وَأَجْزَاهُ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَعَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُنْصِتُ مُسْتَمِعًا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ.

(فَصْلٌ)

: فَإِنْ نَسِيَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ حَتَّى أَخَذَ فِي الْقِرَاءَةِ فَهَلْ يَعُودُ إِلَى التَّكْبِيرِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْقَدِيمُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ يَعُودُ فَيُكَبِّرُ، لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلٌّ لِلتَّكْبِيرِ، فَإِذَا ذَكَرَهُ فِي مَحَلِّهِ فَعَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِ فَعَلَى هَذَا إِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنَ الفاتحة فعاد إِلَى التَّكْبِيرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الْفَاتِحَةَ بَعْدَ التَّكْبِيرِ وَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى، لِقَطْعِهِ ذَلِكَ بِأَخْذِهِ فِي التَّكْبِيرِ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ الْقِرَاءَةَ بَعْدَ التَّكْبِيرِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجَزْأَهُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْجَدِيدُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حنيفة يَمْضِي فِي الْقِرَاءَةِ وَلَا يَعُودُ إِلَى التَّكْبِيرِ، لِأَنَّهُ هَيْئَةٌ وَالْهَيْئَاتُ لَا تُقْضَى بَعْدَ فَوَاتِهَا وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ فِيهَا.

(فَصْلٌ)

: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَقَدْ فَاتَهُ بَعْضُ التَّكْبِيرِ كَبَّرَ مَعَهُ مَا بَقِيَ، وَلَمْ يَأْتِ بِمَا فَاتَ، لِأَنَّ اتِّبَاعَ الْإِمَامِ فَرْضٌ وَالتَّكْبِيرَ هَيْئَةٌ مَسْنُونَةٌ، وَالْفَرْضُ لَا يُتْرَكُ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَبَّرَ مَعَهُ خَمْسًا، وَإِنْ كَانَتْ أَوَّلِيَّةً لِأَنَّهُ تابع الإمام كَبَّرَ خَمْسًا، فَإِذَا قَامَ لِيَقْضِيَ الرَّكْعَةَ الْفَائِتَةَ كبر خمسا، لأنها ثانية والركعة الثانية من صلاة العيد مضمنة خمس تكبيرات.

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " ثُمَّ يَخْطُبُ فَإِذَا ظَهَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ يُسَلِّمُ ويرد الناس عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا يُرْوَى غَالِبًا وَيُنْصِتُونَ وَيَسْتَمِعُونَ مِنْهُ وَيَخْطُبُ قَائِمًا خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا جِلْسَةً خفيفة وأحب أن يعتمد على شيء وأن يثبت يديه وجميع بدنه فإن كان انفطر أمرهم بطاعة الله وحضهم على الصدقة والتقرب إلى الله جل وثناؤه والكف عن معصيته ثم ينزل فينصرف ".

<<  <  ج: ص:  >  >>