للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعْتَرَفَ بِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْحَمْلُ مِنَ الصَّبِيِّ لعلمنا قطعيا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَلَا يَلْحَقُهُ لَوِ اعْتَرَفَ بِهِ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فِي وَفَاةِ الصَّبِيِّ فَلِلْحَمْلِ حَالَتَانِ:

أحدهما: أنه لا يكون لاحقاً بوطء شبهة.

والثاني: أَنْ يَكُونَ مِنْ زِنًا لَا يَلْحَقُ بِأَحَدٍ، فَإِنْ كَانَ لَاحِقًا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ مِنْ وَاطِئِ الشُّبْهَةِ وَلَا تَحْتَسِبُ أَشْهُرَ الْحَمْلِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، لِأَنَّهُ لَا تَتَدَاخَلُ عِدَّتَانِ مِنْ شَخْصَيْنِ ثُمَّ تَسْتَأْنِفُ بَعْدَ الْوَضْعِ عِدَّةَ الْوَفَاةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ من زنا لا يلحق بأحد اعتدت بِشُهُورِ حَمْلِهَا مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ لِاسْتِحْقَاقِهَا فِي عِدَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنِ انْقَضَتْ شُهُورُهَا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ، وَإِنْ بَقِيَتْ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ اسْتَكْمَلَتْهَا ثُمَّ حَلَّتْ بَعْدَهَا.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله تعالى عنه: " وَكَانَ وَالْخَصِيُّ يُنْزِلَانِ لَحِقَهُمَا الْوَلَدُ وَاعْتَدَّتْ زَوْجَتَاهُمَا كَمَا تَعْتَدُّ زَوْجَةُ الْفَحْلِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ مُرَادَ الشَّافِعِيِّ بِالْخَصِيِّ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ الْمَجْبُوبُ، لِأَنَّهُ قَالَ مِنْ بَعْدُ " وَكَانَ وَالْخَصِيُّ يُنْزِلَانِ " فَعُلِمَ أَنَّ الْأَوَّلَ غَيْرُ خَصِيٍّ وَمَجْبُوبٍ وَمَسْمُوحٍ.

فَأَمَّا الْخَصِيُّ فَهُوَ الْمَسْلُولُ الْأُنْثَيَيْنِ بَاقِي الذَّكَرِ، فَهَذَا يَصِحُّ مِنْهُ الْوَطْءُ لِبَقَاءِ ذَكَرِهِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِإِحْدَاثِهِ الْمَاءَ مِنْ ظَهْرِهِ بِقُوَّةِ إِيلَاجِهِ، وَيَكُونُ كَالْفَحْلِ فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ مِنْهُ، سَوَاءٌ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا الْمَجْبُوبُ فَهُوَ الْمَقْطُوعُ الذَّكَرِ بَاقِي الْأُنْثَيَيْنِ، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَبْقَى مِنْ ذَكَرِهِ بِقَدْرِ حَشَفَةِ الْفَحْلِ فَيَصِحُّ مِنْهُ الْإِيلَاجُ وَالْإِنْزَالُ فَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَتَجِبُ مِنْهُ الْعِدَّةُ فِي فُرْقَةِ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ، وَلِأَنَّ الْفَحْلَ لَوْ أَوْلَجَ مِنْ ذَكَرِهِ قَدْرَ الْحَشَفَةِ اسْتَقَرَّ بِهِ الدُّخُولُ وَوَجَبَتْ بِهِ الْعِدَّةُ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ ذَكَرِهِ قَدْرُ الْحَشَفَةِ إِمَّا باستئصال الذكر أو باستبفاء أَقَلَّ مِنَ الْحَشَفَةِ فَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ فَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ قَدْ سَاحَقَ فَرْجَ الْمَرْأَةِ فَيُنْزِلُ مَاءً يَسْتَدْخِلُهُ الْفَرْجَ فَتَحْبَلُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ قُلْنَا إِنَّ حَبَلَ الْبِكْرِ بِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ عِنْدَ الْإِنْزَالِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَتْ مِنْهُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ، لِأَنَّ الدُّخُولَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا انْقَضَتْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَتْ حائلاً فبأربعة أشهر وعشر.

فأما عِدَّةُ الطَّلَاقِ فَلَا تَجِبُ مِنْهُ، لِأَنَّ الدُّخُولَ فِيهَا مُعْتَبَرٌ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوِ الشُّهُورِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>