- فَإِنْ كَانَ الْعَافِي هِيَ الزَّوْجَةَ فَعَفْوُهَا هِبَةٌ مَحْضَةٌ لِنِصْفِ عَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، فَلَا تَصِحُّ إِلَّا بِإِحْدَى لَفْظَتَيْنِ: الْهِبَةِ أَوِ التَّمْلِيكِ، وَلَا تَتِمُّ إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ وَرَابِعٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهُوَ الْبَذْلُ، وَالْقَبُولُ، وَالْقَبْضُ، وَأَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهِمَا بَعْدَهُ زَمَانُ الْقَبْضِ، وَهَلْ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ الزَّوْجَةِ لَهُ بِالْقَبْضِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنٍ بِالْقَبْضِ، لِأَنَّهُ فِي قَبْضِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا بُدَّ مِنْ إِذْنٍ بِالْقَبْضِ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ مِلْكًا لَهَا فَلَمْ يَزُلْ حُكْمُ يَدِهِ إِلَّا بِإِذْنِهَا.
- وَإِنْ كَانَ الْعَافِي هُوَ الزَّوْجَ: تَرَتَّبَ عَفْوُهُ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِيمَا مَلَكَهُ بِطَلَاقِهِ فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مَلَكَ بِهِ نِصْفَ الصَّدَاقِ كَانَ عَفْوُهُ هِبَةً مَحْضَةً لِمُشَاعٍ فِي يَدِهِ، فَيَصِحُّ بِإِحْدَى لَفْظَتَيْنِ إِمَّا بِالْهِبَةِ، أَوْ بِالتَّمْلِيكِ، وَلَا يَتِمُّ إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: بِالْبَذْلِ وَالْقَبُولِ، وَالْقَبْضِ.
وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مَلَكَ بِالطَّلَاقِ أَنْ يَتَمَلَّكَ نِصْفَ الصَّدَاقِ، كَانَ عَفْوُهُ إِسْقَاطًا لِحَقِّهِ فِيهِ، فَيَصِحُّ بِإِحْدَى ثَمَانِيَةِ أَلْفَاظٍ مَضَتْ، وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ وَجْهًا وَاحِدًا.
فَصْلٌ: وَالضَّرْبُ الثَّانِي
: أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ فِي يَدِ الزَّوْجَةِ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الْعَافِي مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الزَّوْجَ أَوِ الزَّوْجَةَ.
فَإِنْ كَانَ الْعَافِي هِيَ الزَّوْجَةَ: فَعَفْوُهَا هِبَةٌ مَحْضَةٌ لِمُشَاعٍ فِي يَدِهَا فَلَا يَتِمُّ إِلَّا بِالْبَذْلِ، وَالْقَبُولِ، وَالْقَبْضِ، وَلَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ الرُّجُوعُ.
وَإِنْ كَانَ الْعَافِي هُوَ الزَّوْجَ تَرَتَّبَ عَفْوُهُ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِيمَا مَلَكَهُ بِطَلَاقِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مَلَكَ نِصْفَ الصَّدَاقِ، كَانَ عَفْوُهُ هِبَةً مَحْضَةً لِمُشَاعٍ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، فَلَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْبَذْلِ، وَالْقَبُولِ، وَأَنْ يَمْضِيَ زَمَانُ الْقَبْضِ. وَهَلْ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنٍ بِالْقَبْضِ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ زَمَانُ الْقَبْضِ، وَهَلْ يَرْجِعُ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْإِذْنِ؟ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مَلَكَ بِالطَّلَاقِ أَنْ يَتَمَلَّكَ نِصْفَ الصَّدَاقِ كَانَ عَفْوُهُ إِسْقَاطًا يَصِحُّ بِأَحَدِ الْأَلْفَاظِ الثَّمَانِيَةِ وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ وَجْهًا وَاحِدًا.
- فَإِنْ عَفَا الزَّوْجَانِ مَعًا لَمْ يَصِحَّ عَفْوُ الزَّوْجَةِ بِحَالٍ، لِأَنَّ عَفْوَهَا هِبَةٌ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبُولِ وَلَا يَصِحُّ عَفْوُ الزَّوْجِ إِنْ جَعَلْنَاهُ وَاهِبًا لِافْتِقَارِهِ إِلَى الْقَبُولِ، وَيَصِحُّ عَفْوُهُ إِنْ جَعَلْنَاهُ مُسْقِطًا، لِأَنَّ عفوه لا يفتقر إلى قبول.