للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقْتُصَّ مِنْ مُتَلَاحِمَتِهِ رُبْعُ أَنْمُلَةٍ لِيَكُونَ نِصْفَ مُوضِحَةٍ كَمَا كَانَتْ مِنَ المَشْجُوجِ نِصْفَ مُوضِحَةٍ، لَا يُمْكِنُ الِاقْتِصَاصُ مِنْهَا إِذَا لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهَا مُوضِحَةٌ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَشْجُوجِ وَالْقِصَاصِ مِنَ الشَّاجِّ، وَإِذَا تَقَدَّرَتِ الْمُتَلَاحِمَةُ فِي الْقِصَاصِ إِمَّا بِالنِّصْفِ عَلَى مَا مَثَّلْنَاهُ، أَوْ بِالثُّلْثِ إِنْ نَقَصَ، أَوْ بِالثُّلُثَيْنِ إِنْ زَادَ تَقَدَّرَ أَرْشُهَا بِقِسْطِهَا مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ مِنْ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ، وَإِذَا لَمْ يَتَقَدَّرِ الْمُتَلَاحِمَةُ مِنَ المُوضِحَةِ فِي الْقِصَاصِ لَمْ يَتَقَدَّرْ أَرْشُهَا وَكَانَ فِيهَا حُكُومَةٌ يُقَدِّرُهَا الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ كَمَا يُقَدِّرُ حُكُومَاتِ سَائِرِ الْجِرَاحِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ.

وَحَكَى أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِينِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَلَمْ أَرَهُ فِي شَرْحِهِ: أَنَّهُ إِذَا أَشْكَلَ مَوْرُ الْمُتَلَاحِمَةِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ قَدْرُ عُمْقِهَا [اعْتُبِرَ مَا يُتَيَقَّنُ قَدْرُ مَوْرِهَا] وَمَا يُشَكُّ فِيهِ وَجُمِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَقْوِيمِ الْحُكُومَةِ لِيُعْتَبَرَ بِيَقِينِ الْمَوْرِ صِحَّةُ التَّقْوِيمِ فِي الْحُكُومَةِ وَيُعْتَبَرَ بِتَقْوِيمِ الْحُكُومَةِ حُكْمُ الشَّكِّ فِي الْمَوْرِ، فَإِذَا تَيَقَّنَّا أَنَّ مَوْرَ الْمُتَلَاحِمَةِ نِصْفُ عُمْقِ الْمُوضِحَةِ وَشَكَكْنَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ اعْتَبَرْنَا تَقْوِيمَ الْحُكُومَةِ، فنجده لا يخلوا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْرُ نِصْفِ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ فَيَتَّفِقَانِ فِي وُجُوبِ النِّصْفِ وَيَدُلُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صِحَّةِ الْآخَرِ، وَيَكُونُ الشَّكُّ فِي زِيَادَةِ الْمَوْرِ مُطَّرَحًا بِالتَّقْوِيمِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ تَقْوِيمُ الْحُكُومَةِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ فَيُوجِبُ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الْأَرْشِ، وَيَكُونُ التَّقْوِيمُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَا شَكَكْنَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمَوْرِ عَلَى النِّصْفِ، قَدْ صَارَ بِالتَّقْوِيمِ مَعْلُومًا.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ تَقْوِيمُ الْحُكُومَةِ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ وَيُسْتَدَلُّ بِيَقِينِ الْمَوْرِ عَلَى أَنَّ تَقْوِيمَ الحكومة خطأ، لأن اليقين لا يتغير بِالِاجْتِهَادِ وَيُسْتَفَادُ بِالتَّقْوِيمِ إِسْقَاطُ الشَّكِّ فِيمَا زَادَ على النصف والله أعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَتُقْطَعُ الْيَدُ بِالْيَدِ وَالرِّجْلُ بِالرِّجْلِ مِنَ المَفَاصِلِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ كَوُجُوبِهِ فِي النُّفُوسِ، لِأَنَّ الْأَطْرَافَ مَفَاصِلُ يُمْكِنُ الْمُمَاثَلَةُ بِهَا، فَإِذَا قَطَعَ يَدَهُ فَلَهُ خَمْسَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقْطَعَهَا مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ، فَيُقْتَصُّ مِنْهَا، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، إِذَا كَانَتْ سَلِيمَةً مِنْ نَقْصٍ أَوْ شَلَلٍ، فَيُقْتَصُّ مِنَ الكَبِيرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>