وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئُ وَيَكُونُ عِتْقَ سِرَايَةٍ.
(فَصْلٌ:)
إِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الثَّالِثِ: إِنَّهُ لَا يُعْتَقُ إِلَّا بِاللَّفْظِ وَدَفْعِ الْقِيمَةِ فَإِذَا دَفَعَ الْقِيمَةَ عَتَقَ وَكَانَ عِتْقًا بِالسِّرَايَةِ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا وَتُعْتَقُ حِصَّتُهُ بِالْمُبَاشَرَةِ، فَأَمَّا نِيَّةُ التَّكْفِيرِ فَمُعْتَبَرَةٌ فِي حِصَّتِهِ مَعَ التَّلَفُّظِ بِعِتْقِهِ وَفِي اعْتِبَارِهَا فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: مَعَ دَفْعِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ نُفُوذِ الْعِتْقِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَقْتُ اللَّفْظِ لِيَقْتَرِنَ بِسَبَبِ الْعِتْقِ وَلَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فَلَا يُجْزِئُ كَمَا لَا يُجْزِئُ عِتْقُ الْوَالِدِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ عَلَى نِيَّتِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ مَعَ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْعِتْقِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ مَعَ دَفْعِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ وَقْتُ نُفُوذِ الْعِتْقِ. وَأَرَى وَجْهًا رَابِعًا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ النِّيَّةِ مَعَ لَفْظِ الْعِتْقِ وَالنِّيَّةِ مَعَ دَفْعِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إِذَا وَقَعَ بِسَبَبَيْنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَخْتَصَّ النِّيَّةُ بِأَحَدِهِمَا فَإِنْ نَوَى عِنْدَ أَحَدِهِمَا لَمْ يُجْزِهِ.
(فَصْلٌ:)
وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا عُتِقَ نَصِيبُهُ مِنْهُ وَلَمْ يُعْتَقْ نَصِيبُ شَرِيكِهِ وَأَجْزَأَهُ عِتْقُ النِّصْفِ الَّذِي مَلَكَهُ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْهُ عَلَى رِقِّهِ فَإِنْ بَقِيَ عَلَى إِعْسَارِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُتِمَّ التَّكْفِيرَ بِالصِّيَامِ أَوِ الْإِطْعَامِ لَمْ يَجُزْ إِذَا أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا أَوْ يُطْعِمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا لِيَكُونَ نِصْفُ التَّكْفِيرِ بِالْعِتْقِ وَنَصِفُهُ بِالصِّيَامِ أَوِ الْإِطْعَامِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي جِنْسَيْنِ، وَقِيلَ: عَلَيْكَ أَنْ تُكْمِلَ التَّكْفِيرَ بِالصِّيَامِ أَوِ الْإِطْعَامِ فَتَصُومَ شَهْرَيْنِ أَوْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي نِصْفِ الْعِتْقِ الَّذِي قَدَّمَهُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عِتْقٌ نَافِدٌ فِي التَّكْفِيرِ وَكَمَّلَهُ بِصَوْمِ شَهْرَيْنِ لِئَلَّا يَتَبَعَّضَ الصِّيَامُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَصِيرُ تَطَوُّعًا وَيَكُونُ التَّكْفِيرُ بِصَوْمِ الشَّهْرَيْنِ لِأَنَّ الصَّوْمَ كَفَّارَةٌ كاملة وليس يلزم أن يريد عَلَيْهَا فَصَارَ مَا تَقَدَّمَهَا تَطَوُّعًا، وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ إِعْسَارِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْعِتْقِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْعِتْقِ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْمُرَاعَى بِالْكَفَّارَةِ حَالُ الْوُجُوبِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَلَى مَا مَضَى.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْعِتْقِ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْمُرَاعَى بِالْكَفَّارَةِ حَالُ لأداء فَعَلَى هَذَا إِنِ اشْتَرَى نِصْفَهُ الَّذِي أَعْتَقَ نِصْفَهُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ لِاسْتِقْرَارِ رِقِّهِ بَعْدَ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَخَالَفَ حَالُ يَسَارِهِ وَقْتَ عِتْقِهِ فَإِذَا أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَجْزَأَهُ وَقَدْ تَكَمَّلَ لَهُ عِتْقُ عَبْدٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَأَجْزَأَهُ وَإِنْ فَرَّقَ الْعِتْقَ كَمَا يُجْزِئُ تَفْرِيقُ الطَّعَامِ. وَإِنِ اشْتَرَى نِصْفَ عَبْدٍ آخَرَ فَأَعْتَقَهُ حَتَّى يُكْمِلَ عِتْقَ رَقَبَةٍ مِنْ عَبْدَيْنِ فَفِي إجزائه وجهان: