للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَنَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي دَارٍ مَغْصُوبَةٍ وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَالنَّهْيُ عَنِ الْعَظْمِ لِمَعْنًى فِي الْفِعْلِ فَاقْتَضَى النَّهْيُ فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَنَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.

وَالْفَرْقُ الثَّانِي: أَنَّ الْيَمِينَ وَإِنْ جَاءَ النَّهْيُ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهَا فَإِنَّ الْإِزَالَةَ تَكُونُ بِغَيْرِهَا فَلَمْ تَكُنْ مُخَالَفَتُهُ مُؤَثِّرَةً فِي الْحُكْمِ، وَالْعَظْمُ يَقَعُ بِهِ الْإِزَالَةُ فَاخْتَصَّ النَّهْيُ عَنْهُ بِإِبْطَالِ الْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ بِهِ فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي تَعْلِيلِ الْمَنْعِ مِنَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ وَ " الْعَظْمُ لَيْسَ بِطَاهِرٍ ".

وَلَيْسَتِ الْعِلَّةُ فِي الْمَنْعِ كَوْنُهُ غَيْرَ طَاهِرٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ، قِيلَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ هَذِهِ كَلِمَةً ذَكَرَهَا الْمُزَنِيُّ وَالَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ " وَالْعَظْمُ لَيْسَ بِنَظِيفٍ " أَيْ فِيهِ سَهُوكَةٌ وَلُزُوجَةٌ تَمْنَعُ مِنَ التَّنْظِيفِ وَهَذَا جَوَابُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ.

وَالثَّانِي: أَنَّ النَّقْلَ صَحِيحٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ بِطَاهِرٍ أَيْ لَيْسَ بِمُطَهِّرٍ وَهُوَ جَوَابٌ ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ ذَكَرَ إِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ فِي الْعَظْمِ النَّجِسِ وَهُوَ كَوْنُهُ نَجِسًا وَكَوْنُهُ مَطْعُومًا وَلِلْعَظْمِ الطَّاهِرِ عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ كَوْنُهُ مَطْعُومًا فَذَكَرَ إِحْدَى عِلَّتَيِ الْعَظْمِ النَّجِسِ دُونَ الطَّاهِرِ وَهَذَا جَوَابٌ ذَكَرُهُ أَبُو حَامِدٍ.

(مَسْأَلَةٌ: وُجُوبُ إِنْقَاءِ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ) .

قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ مَسَحَ بِثَلَاثَةِ أحجارٍ فَلَمْ يَنْقَ أَعَادَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَثَرٌ إِلَّا أَثَرًا لَاصِقًا لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْمَاءُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ عَلَى الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ إِزَالَةَ الْعَيْنِ وَالْأَثَرِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلَا عَدَدٍ فَأَمَّا الْمُسْتَنْجِي بِالْأَحْجَارِ فَلَا يَلْزَمُهُ إِزَالَةُ الْأَثَرِ وَعَلَيْهِ عِبَادَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: الْإِنْقَاءُ بِإِزَالَةِ الْعَيْنِ.

وَالثَّانِيَةُ: اسْتِيفَاءُ الْعَدَدِ بِاسْتِكْمَالِ الثَّلَاثِ كَالْمُعْتَدَّةِ يَلْزَمُهَا عِبَادَتَانِ الِاسْتِبْرَاءُ وَاسْتِيفَاءُ الْأَقْرَاءِ فَإِذَا أَنْقَى الْمُسْتَنْجِي بِدُونِ الثَّلَاثِ لَزِمَهُ اسْتِيفَاءُ الثَّلَاثِ لِاسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ وَإِنِ اسْتَوْفَى ثَلَاثًا وَلَمْ يُنْقِ اسْتَعْمَلَ رَابِعًا وَخَامِسًا حَتَّى يُنَقِّيَ فَلَا يُبْقِي إِلَّا أَثَرًا لَاصِقًا لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْمَاءُ فَيُعْفَى عَنْهُ فَلَوْ بَقِيَ مَا لَا يَزُولُ بِالْحَجَرِ لَكِنْ يَزُولُ الخرق وَصِغَارِ الْخَزَفِ فَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ إِزَالَتُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ لِإِمْكَانِ إِزَالَتِهِ بِغَيْرِ الْمَاءِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لِبَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِزَالَتُهُ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فَرْضُهُ يَسْقُطُ بِالْأَحْجَارِ لَزِمَهُ إِنْقَاءُ مَا يَزُولُ بالأحجار.

<<  <  ج: ص:  >  >>