للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نَهَارًا فَلَا قَضَاءَ لَهَا عَلَيْهِ، لِأَنَّ النَّهَارَ زَمَانُ التَّصَرُّفِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْقَسْمِ تَبَعًا لِلَّيْلِ، وَأَنَّهُ لَا حق فيه لغيرها من نسائه.

والضرب الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَيْلًا فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ أَثِمَ وَقَضَى، وَإِنْ خَرَجَ لِضَرُورَةٍ لَمْ يَأْثَمْ، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِنْ لَمْ يَظْلِمْ بِالْخُرُوجِ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا بِإِخْرَاجِهِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ أَكْرَهَهُ عَلَى الْخُرُوجِ ظُلْمًا فَفِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ لِأَنَّ إِكْرَاهَ السُّلْطَانِ عُذْرٌ وَالْأَعْذَارُ لَا تُسْقِطُ قَضَاءَ الْقَسْمِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ السُّلْطَانُ قَدِ اسْتَهْلَكَ عَلَيْهِمَا حَقَّهُمَا فِي زَمَانِ الْإِكْرَاهِ فَلَا يَصِيرُ الزَّوْجُ مُخْتَصًّا بِذَلِكَ دُونَهَا.

فَصْلٌ

فَإِذَا أَرَادَ قَضَاءَ مَا وَجَبَ مِنْ زَمَانِ خُرُوجِهِ فِي اللَّيْلِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ خَرَجَ النِّصْفَ الثَّانِي مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْضِيَهَا فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ خَرَجَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْضِيَهَا فِي النِّصْفِ الثَّانِي، وَقَضَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ النِّصْفَيْنِ فِي مِثْلِهِ، فَإِذَا أَرَادَ قَضَاءَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ أَقَامَ عِنْدَهَا النِّصْفَ الْأَوَّلَ مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فَأَقَامَ لَا عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ لَهُنَّ لَيَالٍ كَوَامِلَ، وَإِذَا أَرَادَ قَضَاءَ النِّصْفِ الثَّانِي أَقَامَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ لَا عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ فَإِذَا دَخَلَ النِّصْفُ الثَّانِي أَقَامَ فِيهِ عِنْدَ صَاحِبَةِ الْقَضَاءِ، وَلَا يَأْوِي فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ عِنْدَ زَوْجَةٍ إِلَّا فِي نِصْفِ الْقَضَاءِ وَحْدَهُ حَتَّى يَتَبَعَّضَ اللَّيْلُ فِي قَسْمِهِنَّ فَذَلِكَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يَكْمُلُ بِهِ إِلْفٌ وَلَا سُكْنَى.

وَأَقَلُّ زَمَانِ الْقَسْمِ لَيْلَةٌ بِكَمَالِهَا، وَيَكُونُ الْيَوْمُ تَبَعًا لَهَا فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْسِمَ لِإِحْدَى نِسَائِهِ لَيْلَةً بِلَا يَوْمٍ وَالْأُخْرَى يَوْمًا بِلَا لَيْلَةٍ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ لَيْلَ الْقَسْمِ مَقْصُودٌ وَنَهَارَهُ تَبَعٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[مسألة]

قال الشافعي: " وَلَيْسَ لِلْإِمَاءِ قسمٌ وَلَا يُعَطَّلْنَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ لَا قَسْمَ لِلْإِمَاءِ فِي بَعْضِهِنَّ مَعَ بَعْضٍ وَلَا مَعَ الْحَرَائِرِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا كَانَ يَقْسِمُ لِمَارِيَةَ وَلَا لِرَيْحَانَةَ مَعَ نِسَائِهِ، وَلِأَنَّ الْقَسْمَ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ فَاخْتَصَّ بِالزَّوْجَاتِ دُونَ الْإِمَاءِ كَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ، وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الْقَسْمِ الِاسْتِمْتَاعُ وَلَا حَقَّ لِلْإِمَاءِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَجْنُونًا أَوْ عِنِّينًا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ خِيَارٌ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ قَسْمٌ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَلَا يُعَطَّلْنَ " فِيهِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يُعَطَّلْنَ مِنَ الْقَسْمِ يَعْنِي فِي السَّرَارِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>