وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ نَفَقَةُ الْمُرْضِعَةِ تَجِبُ لِلْمُرْضِعِ دُونَهَا وَإِنْ تَقَدَّرَتْ بِكِفَايَتِهَا كَانَتْ نَفَقَةُ الْحَامِلِ بِمَثَابَتِهَا تَجِبُ لِلْحَمْلِ دُونَهَا وَتَتَقَدَّرُ بِكِفَايَتِهَا دُونَهُ.
(فَصْلٌ)
فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ تَفَرَّعَ عَلَيْهِمَا إن أبت الحرة طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنْ قِيلَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ إِنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَامِلِ دُونَ الْحَمْلِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا مُدَّةَ حَمْلِهَا، وَإِنْ قِيلَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي إِنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ دُونَ الْحَامِلِ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى سَيِّدِهَا دُونَ زَوْجِهَا، لِأَنَّ الْحَمْلَ مَمْلُوكٌ لِلسَّيِّدِ فَوَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ دُونَ الأب، ولو أبى الْعَبْدُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ وَهِيَ حَامِلٌ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إِنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَامِلِ دُونَ الْحَمْلِ تَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إِنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ دُونَ الْحَامِلِ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْهُ، لِأَنَّ الْعَبْدَ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ.
(مَسْأَلَةٌ)
قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " فَأَمَّا كُلُّ نِكَاحٍ كَانَ مَفْسُوخًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى حَامِلًا أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ (وقال) في موضع آخر إلا أن يتطوع المصيب لها بذلك ليحصنها فيكون ذلك لها بتطوعه وله تحصينها وبالله التوفيق ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا النِّكَاحُ الْمَفْسُوخُ فَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَفْسُوخَ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ كَالنِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَبِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالشِّغَارِ فَلَا تَسْتَحِقُّ فِيهِ النَّفَقَةَ لَا فِي حَالِ الِاجْتِمَاعِ وَلَا فِي حَالِ الْعِدَّةِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ إِذَا كَانَتْ حَائِلًا لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ اسْتِحْقَاقَ النَّفَقَةِ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِحْقَاقِ التَّمْكِينِ، وَمَعَ فَسْخِ النِّكَاحِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ فَلَمْ تَجِبْ لَهَا النَّفَقَةُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَجِبُ لِحُرْمَةِ الْعَقْدِ، وَلَيْسَ لِلْمَفْسُوخِ حُرْمَةٌ فَلَمْ تَجِبْ بِهِ نَفَقَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فِي حَالِ الْعِدَّةِ فَفِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا تَجِبُ لَهَا إِذَا قِيلَ إِنَّهَا لِلْحَامِلِ دُونَ الْحَمْلِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ إِذَا قِيلَ إِنَّهَا لِلْحَمْلِ دُونَ الْحَامِلِ.
(فَصْلٌ)
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ بِمَا يَمْنَعُ مِنَ اسْتَدَامَتِهِ وَلَا يُوجِبُ رَفْعَهُ مِنْ أَصْلِهِ كَالْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ إِذَا جُعِلَ لِلزَّوْجِ الْفَسْخُ لِحُدُوثِهَا فَتَسْتَحِقُّ بَعْدَ فَسْخِهِ الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى وَتَكُونُ فِي عِدَّتِهَا كالمبتوتة لانفقة لَهَا إِنْ كَانَتْ حَائِلًا، وَلَهَا النَّفَقَةُ إِنْ كَانَتْ حَامِلًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا.
(فَصْلٌ)
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ بِمَا يُوجِبُ رَفْعَهُ مِنْ