بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا " وَكَذَلِكَ لَوْ رَكِبَهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ جَازَ مَا لَمْ يَضُرَّ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا لِرِوَايَةِ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ ارْكَبْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بدنةٌ فَقَالَ: ارْكَبْهَا وَيْلَكَ " فَلَوْ رَكِبَهَا غَيْرَ مُضْطَرٍّ فَأَعْجَفَهَا غُرِّمَ قيمة ما نقصها.
مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَتُنْحَرُ الْإِبِلُ قِيَامًا مَعْقُولَةً وَغَيْرَ معقولةٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ نَحَرَهَا بَارِكَةً وَيُذْبَحُ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ مِنَ السُّنَّةِ في الإبل أن تنحر في لبتنها قِيَامًا.
وَقَالَ عَطَاءٌ: تُنْحَرُ بَارِكَةً.
وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَالبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوافَّ) {الحج: ٣٦) وَقَرَأَ الْحَسَنُ صَوَافِيَ يَعْنِي قِيَامًا عَلَى ثَلَاثٍ ثُمَّ قَالَ: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا) {الحج: ٣٦) يَعْنِي: سَقَطَتْ جُنُوبُهَا، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا نُحِرَتْ قِيَامًا؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ مِنِ قِيَامٍ وَيُخْتَارُ أَنْ تُعْقَلَ يَدُهَا الْيُسْرَى لِتَقُومَ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِرِوَايَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحَرَ بَدَنَةً قِيَامًا مَعْقُولَةً يَدُهَا الْيُسْرَى فَإِنْ نَحَرَهَا بَارِكَةً أَجْزَأَهُ.
فَأَمَّا الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ فَالسُّنَّةُ فيها أن يذبحها في حلقهما مَضْجُوعَةً عَلَى جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ فَإِنْ ذَبَحَهَا قَائِمَةً أجزأ وقد أساء.
مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ ذَبَحَ الْإِبِلَ وَنَحَرَ الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَكَرِهْتُهُ لَهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أن السنة في الإبل نحرها في اللبة وَفِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ذَبْحُهَا فِي الْحَلْقِ فَإِنْ خَالَفَ السُّنَّةَ فَذَبَحَ الْإِبِلَ وَنَحَرَ الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَقَدْ أَسَاءَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ نَحَرَ الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ جَازَ وَإِنْ ذَبَحَ الْإِبِلَ لَمْ يَجُزْ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ نَهَى أَنْ تُعْقَرَ الْإِبِلُ وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ) {المائدة: ٣) وَالتَّذْكِيَةُ فِي كَلَامِهِمُ: الْقَطْعُ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَ نَحْرُهُ جَازَ ذَبْحُهُ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ ذَكَاةً فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَانَ ذَكَاةً فِي الْإِبِلِ كَالنَّحْرِ، فَأَمَّا نَهْيُهُ عَنْ عَقْرِ الْإِبِلِ فَإِنَّمَا خُرِّجَ عَلَى مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُهُ مِنْ عَقْرِ الْإِبِلِ فِي أَرْجُلِهَا قَبْلَ نَحْرِهَا، فَأَمَّا هَذَا فَلَيْسَ بِعَقْرٍ وَإِنَّمَا هو ذكاة والله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute