للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يثبت له خِيَارُ الْفَسْخِ مِثْلَ مَا ثَبَتَ لِلزَّوْجَةِ فَلَهُ فِي غَرُورِ النَّسَبِ خِيَارُ الْفَسْخِ كَمَا كَانَ للزوجة وإن قيل: إن العلة في الغروي بِالْحُرِّيَّةِ دُخُولُ النَّقْصِ عَلَيْهِ فِي اسْتِرْقَاقِ وَلَدِهِ وَنُقْصَانِ اسْتِمْتَاعِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْغُرُورِ بِالنَّسَبِ، لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ نَقْصٌ فِي الِاسْتِمْتَاعِ وَلَا فِي الْوَلَدِ لِأَنَّ وَلَدَهُ يَرْجِعُ إليه في نسبه لا إليهما، لِأَنَّ وَلَدَ الْعَرَبِيِّ مِنَ الْعَجَمِيَّةِ عَرَبِيٌّ، وَوَلَدَ الْعَجَمِيِّ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ عَجَمِيٌّ، وَفِي كَشْفِ هَذَا التَّعْلِيلِ وَحَمْلِ الْجَوَابِ عَلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْخِيَارِ مُقْنِعٌ لِمَا أَوْرَدَهُ الْمُزَنِيُّ، فَأَمَّا إِذَا غَرَّتْهُ بنسب فوجده، أَعْلَى مِنْهُ نُظِرَ فَإِنْ شَرَطَتْ أَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ فَكَانَتْ هَاشِمِيَّةً فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَا خِيَارَ لِأَنَّ الْهَاشِمِيَّةَ عَرَبِيَّةٌ وَإِنِ ازْدَادَتْ شَرَفًا فَلَمْ تَكُنِ الصِّفَةُ الْمَشْرُوطَةُ مُخَالِفَةً، وَإِنْ شَرَطَتْ أَنَّهَا نَبَطِيَّةٌ أو عجمية فكانت هاشمية أو عربية فالصفة مخالفة للشرط فَيَكُونُ النِّكَاحُ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ.

وَالثَّانِي: جائز فلا خِيَارَ لَهُ.

فَصْلٌ: الْقَوْلُ فِي غَرُورِ الزَّوْجِ بالصفة

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ غَرُورُ الزَّوْجِ بِالصِّفَةِ فَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَتَكُونُ ثَيِّبًا أَوْ عَلَى أَنَّهَا شَابَّةٌ فَتَكُونُ عَجُوزًا، أَوْ عَلَى أَنَّهَا جَمِيلَةٌ فَتَكُونُ قَبِيحَةً إِلَى مَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى مِنَ الصِّفَاتِ، فَفِي النكاح قولان:

أحدهما: باطل، وإن لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَفِي رُجُوعِهِ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ قَوْلَانِ عَلَى مَا مضى في غرور النسب من اعتبار حال مَنْ غَرَّهُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ، فعلى هذا يكون خياره في غرورهما معتبر بِخِيَارِهَا فِي غَرُورِهِ، وَفِي خِيَارِهَا لَوْ غَرَّهَا الزَّوْجُ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا خيار لها، فعلى هذا أولى أن يَكُونَ لَهُ خِيَارٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهَا الْخِيَارُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِخِيَارِهِ إِذَا كَانَ مَغْرُورًا بِالْحُرِّيَّةِ وَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا خِيَارَ لَهُ فِيهِ، فَعَلَى هَذَا أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ خِيَارٌ إِذَا غُرَّ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهُ الْخِيَارُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِعِلَّةِ الْخِيَارِ فِي هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنْ قِيلَ إِنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ خِيَارِ الزَّوْجَةِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي نُقْصَانِ هَذِهِ الصِّفَاتِ كَمَا كَانَ للزوجة على هذا الوجه، وإن قيل: إنها تدخل النَّقْصَ عَلَيْهِ فِي رِقِّ الْوَلَدِ وَنُقْصَانِ الِاسْتِمْتَاعِ فلا خيار له هاهنا لعدم النقص فيهما، فأما إذا تزوجها على شرط فكان أَعْلَى مِنْهُ مِثْلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَتَكُونُ بِكْرًا، أَوْ عَلَى أَنَّهَا عَجُوزٌ فَتَكُونُ شَابَّةً، أَوْ عَلَى أَنَّهَا قَصِيرَةٌ فَتَكُونُ طَوِيلَةً، أَوْ عَلَى أَنَّهَا قَبِيحَةٌ فَتَكُونُ جَمِيلَةً وما شاء كُلُّ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَفِي النِّكَاحِ أَيْضًا قَوْلَانِ:

أحدها: باطل

<<  <  ج: ص:  >  >>