للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَوْضِعُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأَى حَنْظَلَةَ وَقَدْ عَقَرَ فَرَسَ أَبِي سُفْيَانَ فَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ.

(فَصْلٌ)

: وَإِذَا كَانَ رَاكِبُ الْفَرَسِ مِنْهُمُ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا كَانَا يُقَاتِلَانِ عَلَيْهَا، جَازَ عَقْرُهَا مِنْ تَحْتِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ رَاكِبُهَا رَجُلًا مُقَاتِلًا، وَإِنْ كَانَا لَا يُقَاتِلَانِ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ عَقْرُهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْكُوبَةٍ.

(فَصْلٌ)

: وَلَوْ أَدْرَكُونَا وَمَعَنَا خَيْلُهُمْ وَهُمْ رَجَّالَةٌ إِنْ أُطْلِقَتْ عَلَيْهِمْ وَرَكِبُوهَا قَهَرُونَا بِهَا جَازَ عَقْرُهَا لِاسْتِدْفَاعِ الْأَذَى بِهَا، كَمَا لَوْ كَانُوا رُكْبَانًا عَلَيْهَا.

(مَسْأَلَةٌ)

: قال الشافعي: " فِي كِتَابِ حُكْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا تَرَكْنَا قتل الرهبان اتباعا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وَقَالَ فِي كِتَابِ السِّيَرِ وَيُقْتَلُ الشُّيُوخُ وَالْأُجَرَاءُ والرهبان قتل دريد بن الصمة ابن خمسين ومائة سنة في شجار لا يستطيع الجلوس فذكر ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلم ينكر قتله (قال) ورهبان الديات والصوامع والمساكن سواء ولو ثبت عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خلاف هذا لأشبه أن يكون أمرهم بالجد على قتال من يقاتلهم ولا يتشاغلون بالمقام على الصوامع عن الحرب كالحصون لا يشغلون بالمقام بها عما يستحق النكاية بالعدو وليس أن قتال أهل الحصون حرام وكما روي عنه أنه نهى عن قطع الشجر المثمر ولعله لأنه قد حظر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقطع على بني النضير وحضره يترك وعلم أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعدهم بفتح الشام فترك قطعه لتبقى لهم منفعته إذا كان واسعا لهم ترك قطعه (قال المزني) رحمه الله: هذا أولى القولين عندي بالحق لأن كفر جميعهم واحد وكذلك سفك دمائهم بالكفر في القياس واحد ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَةُ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ الظَّفَرِ بِهِمْ يَنْقَسِمُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: الْمُقَاتِلَةُ أَوْ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ فَهُوَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ وَيَجُوزُ قَتْلُهُمْ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ خِيَارِ الْإِمَامِ فِيهِمْ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُمْ أَهْلُ الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ مِنْهُمْ دُونَ الْقِتَالِ، فَيَجُوزُ قَتْلُهُمْ أَيْضًا

شُبَّانًا كَانُوا أَوْ شُيُوخًا، قَدَرُوا عَلَى الْقِتَالِ أَوْ لَمْ يَقْدِرُوا، لِأَنَّ التَّدْبِيرَ عِلْمٌ بِالْحَرْبِ وَالْقِتَالُ عَمَلٌ وَالْعِلْمُ أَصْلٌ لِلْعَمَلِ، وَقَدْ أَفْصَحَ الْمُتَنَبِّي حَيْثُ قَالَ:

(الرَّأْيُ قَبْلَ شَجَاعَةِ الشُّجْعَانِ ... هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ الْمَحَلُّ الثَّانِي)

وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ أَنْكَى وَأَضَرُّ وَهُوَ مِنَ الشَّيْخِ أَقْوَى وَأَصَحُّ، هَذَا دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ أَشَارَ عَلَى هَوَازِنَ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَنْ يَتَجَرَّدُوا لِلْقِتَالِ، وَلَا يُخْرِجُوا مَعَهُمُ الذَّرَارِيَ، فَخَالَفَهُ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّضْرِيُّ وَخَرَجَ بِهِمْ فَهُزِمُوا فَقَالَ دريد في ذلك:

<<  <  ج: ص:  >  >>