أَحَدُهَا: أَنْ يُعْلَمَ صِدْقُ قَوْلِهِ فِي تَقَدُّمِ الزَّوْجِ وَطَلَاقِهِ فَقَوْلُهُ إنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ، مَقْبُولٌ لاحتماله، فإن صدقته الزوجة عَلَى إِرَادَتِهِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَكْذَبَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَعْلَمَ كَذِبَ قَوْلِهِ: وَأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ زَوْجٌ غَيْرُهُ، فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ، وَدَعْوَاهُ مَرْدُودَةٌ لِلْعِلْمِ بِبُطْلَانِهَا.
وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَعْلَمَ حَالَهَا وَيَجُوزُ الْأَمْرَانِ فِيهَا، فَيَرْجِعُ إِلَى الزَّوْجَةِ، وَلَهَا حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ تُصَدِّقَهُ عَلَى تَقَدُّمِ زَوْجٍ، وَأَنَّهُ أَرَادَ بِالطَّلَاقِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ، فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ لِتَصْدِيقِهَا لَهُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ.
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تُكَذِّبَهُ عَلَى تَقَدُّمِ الزَّوْجِ، وَعَلَى أَنَّهُ طَلَاقُ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ما تَقَدُّمِ زَوْجٍ قَبْلَهُ صَارَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ أَرَادَ طَلَاقَ الْأَوَّلِ، وَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى زَوْجٍ قَبْلَهُ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ قَبْلَهُ وَالطَّلَاقُ لَازِمٌ لَهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ مَدِينًا فِيهِ.
(فَصْلٌ:)
وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي، أَنَّنِي كُنْتُ طَلَّقْتُهَا فِيهِ وَاحِدَةً ثُمَّ رَاجَعْتُهَا، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ، وَإِنْ أَكْذَبَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ طَلَاقَ زَوْجٍ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَبَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ طَلَاقًا ارْتَجَعَهَا فِيهِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ، أَنَّهُ بِادِّعَاءِ الرَّجْعَةِ يُوقِعُ الطَّلَاقَ فِي نِكَاحِهِ، وَبِادِّعَاءِ الزَّوْجِ غَيْرُ مُوقِعٍ لَهُ فِي نِكَاحِهِ.
[(فصل:)]
ثم يتفرع على تعليق الطَّلَاقِ بِالشُّهُورِ وَالْأَزْمِنَةِ فُرُوعٌ، فَمِنْهَا أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرٍ قَبْلَ رَمَضَانَ تُطَلَّقُ فِي شَعْبَانَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ رَمَضَانَ، وَلَوْ قَالَ: فِي شَهْرٍ قَبْلَهُ رَمَضَانُ طُلِّقَتْ فِي شَوَّالٍ، لِأَنَّهُ قَبْلَهُ رَمَضَانُ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرٍ بَعْدَ رَمَضَانَ طُلِّقَتْ فِي شَوَّالٍ، وَلَوْ قَالَ: فِي شَهْرٍ بَعْدَهُ رَمَضَانُ طُلِّقَتْ فِي شَعْبَانَ؛ لِأَنَّ دُخُولَ الْهَاءِ عَلَى قَبْلُ وبعد مخالفاً لِحَذْفِهَا مِنْهُمَا؛ تَعْلِيلًا بِمَا يَظْهَرُ فِي النُّفُورِ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرٍ قَبْلَ مَا قَبْلَ رَمَضَانَ، طُلِّقَتْ فِي رَجَبٍ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ رَمَضَانَ شَعْبَانُ، وَمَا قَبْلَ شَعْبَانَ رَجَبٌ، وَلَوْ قَالَ فِي شَهْرٍ قَبْلَ مَا قَبْلَهُ رَمَضَانُ؛ طُلِّقَتْ فِي رَمَضَانَ لِأَنَّ مَا قَبْلَ رَمَضَانَ شَوَّالٌ، وَمَا قَبْلَ شَوَّالٍ رَمَضَانُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرٍ بَعْدَ مَا بَعْدَ رَمَضَانَ، طُلِّقَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ولو قال: في شهر مَا بَعْدَهُ رَمَضَانُ طُلِّقَتْ فِي رَمَضَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute