للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّيَةِ حَالُ الِاسْتِقْرَارِ، إِمَّا بِالِانْدِمَالِ أَوْ بِالسِّرَايَةِ إِلَى النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْمَقْطُوعَ كَانَ وَقْتَ الْجِنَايَةِ عَبْدًا، وَعَلَى الْقَاطِعِ دِيَةُ حُرٍّ؛ لِأَنَّ الْمَقْطُوعَ مَاتَ حُرًّا، وَلِلسَّيِّدِ مِنْهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَهُ وَقْتَ الْجِنَايَةِ أَكْثَرُ مِنْهَا، أَوْ جَمِيعُ دِيَتِهِ حُرًّا؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَمْ تَسْتَقِرَّ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا.

وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ لِلسَّيِّدِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ عَبْدًا أَوْ نِصْفِ دِيَتِهِ حُرًّا.

وَهَذَا زَلَلٌ مِنْ أَبِي عَلِيٍّ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ أَحَدِ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ.

إِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ بِهَا وَقْتُ الْجِنَايَةِ فَنِصْفُ الْقِيمَةِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، أَوْ يُعْتَبَرَ بِهَا وَقْتُ الْمَوْتِ فَجَمِيعُ الدِّيَةِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ أَوْ يُعْتَبَرَ بِهَا أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ فَلَا يَجُوزُ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِالِاتِّفَاقِ، أَوْ يُعْتَبَرَ بِهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْأَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الِابْتِدَاءِ، وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ أَوْ بِمَا اسْتَقَرَّ فِي الِانْتِهَاءِ، وَهُوَ جَمِيعُ الدِّيَةِ.

فَأَمَّا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ أَوْ نِصْفِ الدِّيَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ إِلَّا فِي جِنَايَةِ الِاثْنَيْنِ، وَهُوَ أَنْ يَقْطَعَ حُرٌّ يَدَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَيَقْطَعَ آخَرُ يَدَهُ الْأُخْرَى بعد العتق، ثم يموت فتكون عليها دِيَةُ حُرٍّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلِلسَّيِّدِ مِنْهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، أَوْ نِصْفِ دِيَتِهِ؛ لِأَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ، أَحَدُهُمَا فِي الرِّقِّ يَخْتَصُّ بِهَا السَّيِّدُ، وَالْأُخْرَى فِي الْحُرِّيَّةِ، يَخْتَصُّ بِهَا الْوَرَثَةُ.

فَأَمَّا الْجَانِي الْوَاحِدُ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إِلَّا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، أَوْ جَمِيعِ دِيَتِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ نِصْفُ قِيمَتِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ نِصْفُ قِيمَتِهِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِيَتِهِ أَوْ مِثْلَهَا فَمَا دُونَ، فَيَسْتَحِقُّ السَّيِّدُ نِصْفَ قِيمَتِهِ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ، وَيَكُونُ مَا بَقِيَ مِنْ دِيَتِهِ لِوَرَثَتِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَزِيدُ عَلَى نِصْفِ دِيَتِهِ، وَلَا تَزِيدُ عَلَى جَمِيعِهَا فَيَسْتَحِقُّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ نِصْفَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ جَمِيعِ دِيَتِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَسْتَحِقُّ نِصْفَ دِيَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ نِصْفُ قِيمَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ دِيَتِهِ، فَيَسْتَحِقُّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ جَمِيعَ دِيَتِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَسْتَحِقُّ نِصْفَ دِيَتِهِ.

(فَصْلٌ)

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقْطَعَ حُرٌّ إِحْدَى يَدَيْ عَبْدٍ فَيُعْتَقُ، ثُمَّ يَعُودُ الْحُرُّ الْجَانِي فَتُقْطَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الْقَطْعَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَنْدَمِلَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَسْرِيَا إِلَى النَّفْسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>