للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ:

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْفُرُوضِ فَقَدْ بَدَأَ الشَّافِعِيُّ بِفَرْضِ الزَّوْجِ وَفَرْضُهُ النِّصْفُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتَةِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ فَفَرْضُهُ الرُّبُعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بها أو دين} [النساء: ١٢] فصار فَرْضُ الزَّوْجِ النِّصْفَ وَقَدْ يَأْخُذُهُ تَارَةً كَامِلًا وتارة عائلا وأقل فرض الرُّبُعُ، وَقَدْ يَأْخُذُهُ تَارَةً كَامِلًا وَتَارَةً عَائِلًا وَلَا فَرْقَ فِي حَجْبِ الزَّوْجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهَا دُونَهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، وهكذا ولد الابن يحجب الزوج ما يَحْجُبُهُ الْوَلَدُ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَحْجُبُ بِالِاسْمِ أَوْ بِالْمَعْنَى، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْجُبُ بِالِاسْمِ، لِأَنَّهُ يُسَمَّى وَلَدًا.

وَقَالَ آخَرُونَ: يَحْجُبُ بِالْمَعْنَى لَا بِالِاسْمِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْوَلَدِ يَنْطَلِقُ عَلَى وَلَدِ الصلب، فلذلك قُلْنَا إِنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِ وَلَدِهِ فِيهِ حَقٌّ فَأَمَّا فِي الْحَجْبِ فَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ يَقُومُ فِيهِ مَقَامَ الْوَلَدِ إِلَّا مَا يُحْكَى عَنْ مُجَاهِدٍ حِكَايَةً شَاذَّةً أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ لَا يُحْجَبَانِ بِوَلَدِ الْوَلَدِ، وَهَذَا قَوْلٌ مَدْفُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْمَعْنَى إِنْ نَازَعَ فِي الِاسْمِ، فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ في ولد الابن بين ذكورهم وإناثهم للواحد وَالْجَمَاعَةُ فِيهِ سَوَاءٌ.

فَأَمَّا وَلَدُ الْبِنْتِ فَلَا يَحْجُبُ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فإن كان للميت ولد أو ولد ولد إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ وَلَدَ الِابْنِ دُونَ وَلَدِ البنت، وليس كما جهل بعض الناس فعابه خطأه فيه.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ فَإِنْ كَانَ لَلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ ولد ولد وإن سفل فلها الثمن والمرأتان والثلاث والأربع شركاء في الربع إذا لم يكن ولد وفي الثمن إذا كان ولد ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: لِلزَّوْجَةِ فَرْضَانِ أَعْلَى وَأَدْنَى فَأَمَّا الْأَعْلَى فَهُوَ الرُّبُعُ يُفْرَضُ لَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَلَا ولد ابن فأعلى فرضها هو أدنى فرض الزَّوْجِ، لِأَنَّ مِيرَاثَ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ مِيرَاثِ الرَّجُلِ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْأَبَوَانِ معهم الِابْن.

وَالثَّانِي: الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِمَا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَيَتَفَاضَلُونَ فِيمَا سِوَاهُمَا.

ثُمَّ هَذَا الرُّبُعُ قَدْ تَأْخُذُهُ تَارَةً كَامِلًا وَتَارَةً عَائِلًا فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابن وإن سفل منهما أو منه دونها فَلَهَا الثُّمُنُ ثُمَّ قَدْ تَأْخُذُ الثُّمُنَ تَارَةً كَامِلًا وَتَارَةً عَائِلًا ثُمَّ هَذَانِ الْفَرْضَانِ أُخِذَا من نص الكتاب قال الله تَعَالَى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: ١٢] فَإِنْ كُنَّ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ اشْتَرَكْنَ وَلَوْ كُنَّ أَرْبَعًا فِي الرُّبُعِ، إِذَا لَمْ يُحْجَبْنَ.

وَفِي الثُّمُنِ إذا حجبن وصرن والجدات سواء يشتركن فِي الْفَرْضِ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَثُرْنَ وَلَا يَزِيدُ بزيادتهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>