للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُنْكِرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ، وَيَدَّعِيَ الْهِبَةَ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا شُفْعَةَ عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ، فَيُقَاسِمَهُ الشَّرِيكُ ثُمَّ يَبْنِيَ، وَتَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بَعْدَ بِنَائِهِ بِالشِّرَاءِ فَالشُّفْعَةُ وَاجِبَةٌ مَعَ صِحَّةِ الْقِسْمَةِ وَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِالْبِنَاءِ مَعَ جُحُودِهِ لِلشِّرَاءِ لِأَنَّهُ تَعَدَّى فِي الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ.

وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ طِفْلًا أَوْ مَجْنُونًا، فَيُمْسِكُ الْوَلِيُّ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ، وَيُقَاسِمُ الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ يَبْلُغُ الطِّفْلُ، وَيَفِيقُ الْمَجْنُونُ فَتَكُونُ لَهُ الشُّفْعَةُ مَعَ صِحَّةِ الْقِسْمَةِ وَلَا يَكُونَ إِمْسَاكُ الْوَلِيِّ عَنِ الشفعة مبطلاً للقسمة ولا مقاسمته مبطلاً لِلشُّفْعَةِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا صَحَّتِ الْقِسْمَةُ مَعَ بَقَاءِ الشُّفْعَةِ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْخَمْسَةِ، وَبَطَلَ اعْتِرَاضُ الْمُزَنِيِّ بِهَا لَمْ يُجْبَرِ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ بِنَائِهِ، وَقِيلَ لِلشَّفِيعِ: إِنْ شِئْتَ فَخُذِ الشِّقْصَ بِثَمَنِهِ، وَقِيمَةَ الْبِنَاءِ، وَقَالَ أبو حنيفة: يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قِلْعِ بِنَائِهِ، وَلَا قِيمَةَ لَهُ عَلَى الشَّفِيعِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ أَسْبَقُ مِنْ بِنَائِهِ فَصَارَ كَالِاسْتِحْقَاقِ بِالْغَصْبِ، وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَامُّ الْمِلْكِ قَبْلَ أَخْذِ الشِّقْصِ. أَلَا تَرَاهُ يَمْلِكُ النَّمَاءَ وَمَنْ بَنَى فِي مِلْكِهِ لَمْ يَتَعَدَّ كَالَّذِي لَا شُفْعَةَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ مَنْ بَنَى فِي مِلْكِهِ لَمْ يَكُنْ جَوَازُ انْتِزَاعِهِ مِنْ يَدِهِ مُوجِبًا لِتَعَدِّيهِ، وَنَقْضِ بِنَائِهِ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ إِذَا بَنَى وَرَجَعَ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ مَوْضُوعَةٌ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُزَالَ بِالضَّرَرِ وَفِي أَخْذِ الْمُشْتَرِي وَعَدَمِ بِنَائِهِ ضَرَرٌ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ مِنْ إِلْحَاقِهِ بِالْغَصْبِ فَهُوَ تَعَدِّي الْغَاصِبِ بِتَصَرُّفِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَلَيْسَ الْمُشْتَرِي مُتَعَدِّيًا لِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ.

فَصْلٌ

: فَلَوْ قَالَ الشَّفِيعُ أَنَا آخُذُ مِنَ الشِّقْصِ مَا لَا بِنَاءَ فِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ أَنَا آخُذُهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لَمْ يُجْبَرْ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ بِهِبَةٍ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُلْزَمُ بِتَرْكِهِ بِمَا اسْتَضَرَّ بِهَا. فَلَوْ قَالَ أَنَا أُقِرُّ بِنَاءَهُ فِي الْأَرْضِ لَمْ يُجْبَرْ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا عَارِيَةٌ يُسْتَحَقُّ الرُّجُوعُ فِيهَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِقْرَارُ بِنَاءٍ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ قَدْ يَلْحَقُهُ فِيهِ ضَرَرٌ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ بِشُفْعَتِهِ شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ، أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَبَنَى فِيهِ وَغَرَسَ ثُمَّ اسْتُحِقَّ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ، فَإِنَّ الشَّفِيعَ مَأْخُوذٌ بِقَلْعِ بِنَائِهِ، وَغَرْسِهِ لأنه بنى في غير ملكه ثم نظر فَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ لِلْمَبِيعِ وَلِحَقِّ الشَّفِيعِ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَبِيعَ لَكَانَ مَأْخُوذًا بِقَلْعِ بِنَائِهِ في

<<  <  ج: ص:  >  >>