للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عشية غادرت ابن اقرم ثاوياً ... وعكاشة الغنمي تحت مجال)

(أقمت له صدر الجمالة إنها ... معودة قبل الكماة نزال)

(فيوم نراها في الجلال مصونة ... ويوم تراها في ظلال عوال)

ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَمْ يُؤْخَذْ بِدَمِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، ولأنه إسلام عَنْ كُفْرٍ فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ ضَمَانُ مَا اسْتَهْلَكَ فِي الْكُفْرِ كَأَهْلِ الْحَرْبِ، وَلِأَنَّ فِي تَضْمِينِهِمْ مَا اسْتَهْلَكُوهُ تَنْفِيرًا لَهُمْ عَنِ الْإِسْلَامِ وهم مرغبون فيه فوجب أن لا يؤخذوا بِمَا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الدُّخُولِ فِيهِ، وَإِذَا قِيلَ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ في أكثر الكتب فوجهه قول أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ: تَدُونَ قَتْلَانَا وَلَا نَدِي قَتْلَاكُمْ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ عَارَضَهُ عُمَرُ فَقَالَ: لَا نَأْخُذُ لِقَتْلَانَا دِيَةً قِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عمر رضي الله عنه قَالَ ذَلِكَ تَفَضُّلًا عَلَيْهِمْ كَعَفْوِ الْأَوْلِيَاءِ فَلَمْ يكن فيه مخالفاً لِحُكْمِ أَبِي بَكْرٍ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ عَمِلَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَصَّ مِنْهُمْ وَلَمْ يُغَرِّمْهُمْ.

قِيلَ: الْقِصَاصُ وَالْغُرْمُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَأْتِهِ مُطَالِبٌ بِحَقِّهِ مِنْهُ فَمَنَعَهُ فَلَمْ يَكُنْ فِي الشرك إِسْقَاطٌ لِلْوُجُوبِ، وَمِنَ الِاعْتِبَارِ أَنَّ كُلَّ مَنْ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَنَعَةٍ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ فِي مَنَعَةٍ كَالْمُسْلِمِ طَرْدًا وَالْحَرْبِيِّ عَكْسًا، وَلِأَنَّ الرِّدَّةَ إِنْ لَمْ تَزِدْهُ شَرًّا لَمْ تُفِدْهُ خَيْرًا وَهُوَ يَضْمَنُ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَكَانَ ضَمَانُهُ بَعْدَهَا أَوْلَى.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَإِذَا قَامَتْ لِمُرْتَدٍّ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَظْهَرَ الْقَوْلَ بِالْإِيمَانِ ثُمَّ قَتَلَهُ رَجُلٌ يَعْلَمُ تَوْبَتَهُ أَوْ لَا يَعْلَمُهَا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْمُرْتَدُّ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْتُلَهُ إِلَّا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ حَدٌّ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْحُدُودِ التي تختص الْأَئِمَّةُ بِإِقَامَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ مُحَارِبًا فِي مَنَعَةٍ جَازَ أَنْ يَقْتُلَهُ كُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْتَصَّ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ كَمَا يَجُوزُ قَتْلُ أَهْلِ الْحَرْبِ.

فَإِذَا قَتَلَ مُسْلِمٌ مُرْتَدًّا فادعى وليه أنه قد كان أسلم وأنكر القاتل إسلامه فإن لم يكن لِوَلِيِّهِ بَيِّنَةٌ عَلَى إِسْلَامِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ فِي بَقَاءِ رِدَّتِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي مَنَعَةٍ أَوْ غَيْرِ مَنَعَةٍ، فَإِنْ أَقَامَ وَلِيُّهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إِسْلَامِهِ فَإِنْ عَلِمَ الْقَاتِلُ بِإِسْلَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بإسلامه قال الشافعي ها هنا؛ وَفِي كِتَابِ " الْأُمِّ) أَنَّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ، وَقَالَ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي اخْتِلَافِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ اخْتِلَافَ نَصِّهِ مُوجِبٌ لِاخْتِلَافِ قَوْلِهِ فَيَكُونُ وُجُوبُ الْقَوَدِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>