للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّهُ إِذَا ضَرَبَهَا عَلَى نُشُوزٍ أَوْ تَأْدِيبٍ فَخَالَعَتْهُ بَعْدَ الضَّرْبِ إِمَّا لِأَجْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الضَّرْبِ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَسْبَابِ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَنْ رِضًا وَخَلَا مِنْ إِكْرَاهٍ فَأَمَّا إِنْ كَانَ الضَّرْبُ لِأَجْلِ الْخُلْعِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَى إِكْرَاهٍ فَافْتَرَقَا وَلِذَلِكَ أَجَازَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُلْعَ ٧ ثَابِتٍ لِزَوْجَتِهِ حَبِيبَةَ مَعَ ضَرْبِهِ لَهَا لِأَنَّ الضَّرْبَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْخُلْعِ. وَاللَّهُ أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (وَلَمْ يَقُلْ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا إِلَّا فِي قبل عِدَّتِهَا كَمَا أَمَرَ الْمُطَلِّق غَيْرَهُ) . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، الْمُخْتَلِعَةُ لَا سُنَّةَ فِي طَلَاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ بِغَيْرِ خُلْعٍ، حَيْثُ كَانَ فِي طَلَاقِهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يُخَالِعَهَا فِي الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ جَمِيعًا، وَهُمَا سَوَاءٌ فِي وُقُوعِ الْخُلْعِ فِيهِمَا، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُخْتَلِعَةٍ لَكَانَ طَلَاقُهَا فِي الطُّهْرِ سُنَّةً وفي الحيض بدعة، وإنما كان كذلك ظاهر وَمَعْنًى، أَمَّا الظَّاهِرُ فَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حين خالع حبيبة وزوجها ثابت، لَمْ يَسْأَلْهَا عَنْ حَالِ طُهْرِهَا وَحَيْضِهَا وَأَنْكَرَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ، وَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ فِيهِ مُنْكَرًا لَأَبَانَهُ وَمَنَعَ مِنْهُ وَأَمَّا الْمَعْنَى فَهُوَ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ خُلْعِ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَوْ مُنِعَا مِنْهُ إِلَى وَقْتِ الطُّهْرِ لَوَقَعَا فِيهِ، وَأَثِمَا بِهِ، وَخَالَفَ ذَلِكَ حَالَ الْمُطَلِّقِ بِغَيْرِ خَوْفٍ، وَلِأَنَّ الْمُطْلَّقَةَ مُنِعَ زَوْجُهَا مِنْ طَلَاقِهَا فِي الْحَيْضِ لِئَلَّا تَطُولَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَالْمُخْتَلِعَةَ وَقَعَ طَلَاقُهَا بِاخْتِيَارِهَا، فَصَارَتْ مُخْتَارَةً لِطُولِ الْعِدَّةِ، فَلَمْ يُمْنَعِ الزَّوْجُ مِنْ خَلْعِهَا فَافْتَرَقَا.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْخُلْعَ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَعَنْ عُثْمَانَ قَالَ هِيَ تَطْلِيقَةٌ إِلَّا أن تكون سميت شيئاً (قال المزني) رحمه الله وقطع في باب الكلام الذي يقع به الطلاق أن الخلع سميت فلا يقع إلا بما يقع به الطلاق أو ما يشبهه من إرادة الطلاق فإن سمي عددا أو نوى عدداً فهو ما نوى) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا تَخَالَعَ الزَّوْجَانِ لَمْ يَخْلُ عَقْدُ الْخُلْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَعْقِدَاهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ: قَدْ طَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ، أَوْ فَارَقْتُكِ بِأَلْفٍ أَوْ سَرَّحْتُكِ بِأَلْفٍ، فَهَذَا صَرِيحٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَكَانَ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ مَعَ الْعِوَضِ وَلَا يَكُونُ فَسْخًا.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَعْقِدَاهُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ بَائِنٌ بِأَلْفٍ، أَوْ أَنْتِ خَلِيَّةٌ، أَوْ بَرِيَّةٌ بِأَلْفٍ فَهَذَا كِنَايَةٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَكِنَايَةٌ مَعَ الْعِوَضِ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْفَسْخِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>