للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعْدٌ بِمَا حَكَمَ، وَكَانَ قَدْ رَمَاهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ فِي أَكْحَلِهِ دَعَا أَنْ لَا يَمُوتَ حَتَّى يَشْفِيَهُ اللَّهُ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَمُرَّ بِهِ بَعْدَ حُكْمِهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ فَأَصَابَتِ الْجُرْحَ بِظِلْفِهَا فَمَا رَقَأَ حَتَّى مَاتَ وَانْصَرَفَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى المدينة في يوم الخميس كسابع مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَأُدْخِلُوا المدينة، وحفر لهم أخدود فِي السُّوقِ وَجَلَسَ عَلَيْهِ مَعَ أَصْحَابِهِ، وَأُحْضِرُوا إليه رَسَلًا فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَكَانُوا مَا بَيْنَ سِتِّمِائَةٍ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ السَّنَةُ عَامَ الْخَنْدَقِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَا كَانَ فِيهَا.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ حِينَ نَزَلَ عَنْهَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَنَزَلَ فِيهَا مِنَ الْقُرْآنِ مَا نزل، وكانت غزواته فيها خمسا.

[(فصل: [ذكر أحداث سنة ست من الهجرة سرية ابن مسلمة] )]

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ فَابْتَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهَا بِسَرِيَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا إِلَى الْقَرْطَاءِ فِي الْعَاشِرِ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَقَتَلَ نَفَرًا مِنْهُمْ، وَهَرَبَ بَاقُوهُمْ وَاسْتَاقَ نَعَمَهُمْ، وَلَمْ يَعْرِضْ لِلسَّبْيِ، وَقَدِمَ إِلَى الْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ بَعِيرًا وَبِأَلْفِ شَاةٍ بَعْدَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا

( [غَزْوَةُ بَنِي لِحْيَانَ] )

ثُمَّ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَزْوَةَ بَنِي لِحْيَانَ بِنَاحِيَةِ عُسْفَانَ لِأَجْلِ مَنْ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بِئْرِ مَعُونَةَ، وَخَرَجَ في هلال شهر ربيع الأول مِائَتَيْ رَجُلٍ وَمَعَهُمْ عِشْرُونَ فَرَسًا وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَسَارَ إِلَيْهِمْ، فَهَرَبُوا في رؤوس الْجِبَالِ، وَنَزَلَ عُسْفَانَ، وَبَثَّ مِنْهَا السَّرَايَا، فَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا، وَصَلَّى بِهِمْ بِهَا صَلَاةَ الْخَوْفِ. وَخَرَّ رَاكِعًا وَهُوَ يَقُولُ: " آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ "

وَعَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

( [غَزْوَةُ الْغَابَةِ] )

ثُمَّ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَزْوَةَ الْغَابَةِ وَهِيَ طَرِيقُ الشَّامِ عَلَى بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ

وَسَبَبُهَا: أَنَّ عِشْرِينَ لِقْحَةً كَانَتْ لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْغَابَةِ فِيهَا أَبُو ذَرٍّ أَغَارَ عَلَيْهَا عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ فِي أَرْبَعِينَ فَارِسًا، وَقَتَلُوا ابْنَ أَبِي ذَرٍّ، وَجَاءَ الصَّرِيخُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَنُودِيَ: يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي، فَكَانَ أَوَّلَ مَا نُودِيَ بِهَا، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي وَقْتِهِ مِنْ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ مُقَنَّعًا بِالْحَدِيدِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ الْمِقْدَادُ بْنُ عمرو، فعقد

<<  <  ج: ص:  >  >>