[(باب طلاق المريض)]
(من كتاب الرجعة ومن العدة ومن الإملاء على مسائل مالك واختلاف الحديث)
قال الشافعي رحمه الله تعالى: وَطَلَاقُ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ سَوَاءٌ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: لَا فَرْقَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْمَرِيضِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَوْ دُونَهَا وَقَالَ الشَّعْبِيُّ طَلَاقُ الْمَرِيضِ لَا يَقَعُ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ فِي الإدما وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ) وَلِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ أَغْلَظُ مِنْ حَلِّهِ، ثُمَّ نِكَاحُ الْمَرِيضِ يَصِحُّ فَحَلُّهُ بِالطَّلَاقِ أَوْلَى أَنْ يَصِحَّ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ مِنْهُ الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ، كَانَ أَوْلَى أَنْ يَصِحَّ مِنْهُ الطَّلَاقُ؛ لأن حكمه أغلظ.
[(مسألة:)]
قال الشافعي: (فَإِنْ طَلَقَ مَرِيضٌ ثَلَاثًا فَلَمْ يَصِحَّ حَتَى مَاتَ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا قَالَ الْمُزَنِيُّ فَذَكَرَ حُكْمَ عُثْمَانَ بِتَوْرِيثِهَا مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي مَرَضِهِ وَقَوْلَ ابْنِ الزُّبَيْرِ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أَرَ أَنْ تَرِثَ الْمَبْتُوتَةُ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى فِي كِتَابِ الْعِدَّةِ إِنَّ الْقَوْلَ بِأَنْ لَا تَرِثَ المَبْتُوتَةُ قَوْلٌ يَصِحُّ وَقَدْ ذِهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْآثَارِ وَقَالَ كَيْفَ تَرِثُهُ امْرَأَةٌ لا يرثها وليست له بزوجة قال المزني فقلت أنا هذا أصح وأقيس لقوله قال المزني وَقَالَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ إِمْلَاءً عَلَى مسائل مالك إن مذهب ابن الزبير أصحهما وقال فيه) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي قَطْعِ التَّوَارُثِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ، قِسْمٌ يَقْطَعُ التَّوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي مَرَضٍ غَيْرِ مُخَوِّفٍ، وَالْبَائِنُ طَلَاقُ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَطَلَاقُ الثَّلَاثِ، وَالطَّلَاقُ فِي الْخَلْعِ، فَلَا يَرِثُهَا وَلَا تَرِثُهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْتُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا؛ لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا إِجْمَاعٌ.
وَقِسْمٌ لَا يَقْطَعُ التَّوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ يَتَوَارَثَانِ فِيهِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ، فَإِنْ مَاتَ وَرِثَتْهُ وَإِنْ مَاتَتْ وَرِثَهَا، فَإِذَا انْقَضَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute